هذا وقد خفيت على بعض علماء البيان أسرار التشابه في الأطراف
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٦١٤
فجزم بأنه إذا ذكرت اللفظة في أول كلام يحتاج الى تمام فينبغي أن تعاد بعينها في آخره ومتى عدل عن ذلك كان معيبا ثم مثل ذلك بقول أبي تمام وقول أبي الطيب المتنبي فقال : إن أبا تمام أخطأ في قوله :
بسط الرجاء لنا برغم نوائب كثرت بهن مصارع الآمال
فحيث ذكر الرجاء في صدر البيت كان ينبغي أن يعيد ذكره أيضا في عجزه أو كان ذكر الآمال في صدر البيت وعجزه وكذلك أخطأ أبو الطيب في قوله :
اني لأعلم واللبيب خبير أن الحياة وان حرصت غرور
فإنه قال « إني لأعلم واللبيب خبير » وكان ينبغي أن يقول :
الي لأعلم واللبيب عليم ليكون ذلك تقابلا صحيحا.
هذا ما ذكره الناقد وليس بشي ء لأن المعتمد عليه في هذا الصدد أنه إذا كانت اللفظة في معنى أختها جاز.
٦- المجاز العقلي : في قوله « يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار » فقد أسند الى القلوب والأبصار التقلب والاضطراب من الهول والفزع.
و في قوله « يكاد زيتها يضي ء ولو لم تمسسه نار » فن الغلو وهو الافراط في وصف الشي ء المستحيل عقلا وعادة وهو ينقسم الى قسمين مقبول وغير مقبول فالمقبول لا بد أن يقربه الناظم الى القبول بأداة التقريب، إلا أن يكون الغلو في مدح النبي صلى اللّه عليه وسلم فلا غلو حينئذ ويجب على الناظم أن يسبكه في قالب التخيلات التي تدعو العقل الى قبولها في أول وهلة كالآية الكريمة فإن إضاءة الزيت من غير مس النار مستحيلة عقلا ولكن لفظة يكاد قربته فصار مقبولا.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٦١٥
و القسم الثاني وهو الغلو غير المقبول، كقول ابي نواس :
و أخفت أهل الشرك حتى أنه لتخافك النطف التي لم تخلق
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٣٩ الى ٤٠]


الصفحة التالية
Icon