ذكرنا في باب الاعراب أقرب الوجوه في تأويل قوله تعالى « لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ » الآية ووعدناك بأن نورد بقية الوجوه التي ذكرها المفسرون : فقد كان المؤمنون يذهبون بالضعفاء وذوي العاهات الى بيوت أزواجهم وأولادهم والى بيوت قراباتهم وأصدقائهم فيطعمونهم منها، فخالج قلوب المطعمين والمطعمين ريبة في ذلك وخافوا أن يلحقهم
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٦٥٨
فيه حرج وكرهوا أن يكون أكلا بغير حق لقوله تعالى « وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ » فقيل لهم ليس على الضعفاء ولا على أنفسكم يعني عليكم وعلى من في مثل حالكم من المؤمنين حرج في ذلك.
و قيل كانوا يخرجون الى الغزو ويخلفون الضعفاء في بيوتهم ويدفعون إليهم المفاتيح ويأذنون لهم أن يأكلوا من بيوتهم فكانوا يتحرجون، حكي عن الحارث بن عمرو أنه خرج غازيا وخلف مالك بن زيد في بيته وماله فلما رجع رآه مجهودا فقال : ما أصابك؟ قال لم يكن عندي شي ء ولم يحل لي أن آكل من مالك فقيل لي ليس على هؤلاء الضعفاء حرج فيما تحرجوا منه ولا عليكم أن تأكلوا من هذه البيوت.
و قيل نزلت رخصة لهؤلاء في التخلف عن الجهاد فعلى هذا تم الكلام قوله « و لا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ».
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٦٢ الى ٦٤]


الصفحة التالية
Icon