وَ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٥) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٦)
اللغة :
(تَبارَكَ) : البركة زيادة الخير وكثرته، والزيادة تكون حسية ومعنوية أي تزايد خيره وتكاثر أو تزايد عن كل شي ء وتعالى عنه في
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٦٦٤
صفاته وأفعاله، ثم ان تبارك فعل ماض جامد لا يتصرف فلا يأتي منه مضارع ولا أمر ولا اسم فاعل وليس له مصدر ولا يستعمل في غير اللّه تعالى وسيأتي بحث الجامد في باب الفوائد.
(الْفُرْقانَ) : القرآن لأنه فرق بين الحق والباطل وقيل لأنه نزل مفرقا في أوقات كثيرة وفي المصباح :« فرقت بين الشيئين فرقا من باب قتل فصلت أبعاضه وفرقت بين الحق والباطل، فصلت أيضا، هذه هي اللغة العالية وبها قرأ السبعة في قوله تعالى :« فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ » وفي لغة من باب ضرب وقرأ بها بعض التابعين، وقال ابن الأعرابي : فرقت بين الكلامين فافترقا مخفف، وفرقت بين العبدين فتفرقا مثقل فجعل المخفف في المعاني والمثقل في الأعيان. والذي حكاه غيره أنهما بمعنى والتثقيل مبالغة » ولهذه المادة في اللغة شعاب كثيرة، وسنورد لك منها ما يروق الخاطر : فالفرقان مصدر فرق بين الشيئين إذا فصل بين الشيئين وسمي به القرآن لفصله بين الحق والباطل أو لأنه لم ينزل جملة واحدة ولكن مفروقا مفصولا بين بعضه وبعض في الإنزال، ألا ترى إلى قوله :« و قرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا » والأظهر هو المعنى الثاني لأن في السورة بعد آيات :« و قال الذين كفروا لو لا نزلوا عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ».


الصفحة التالية
Icon