الشمس فإذا حركته الريح تطاير وذهب كل مذهب، ولذلك قال منثورا أي جامعا لحقارة الهباء والتناثر ومثله « كونوا قردة خاسئين » أي جامعين للمسخ والخس ء، وأتى بالعامل منكرا ليتناول هذا الوعيد كل من سولت له نفسه البقاء على الكفر وعمل مثل عملهم.
و للرماني في كتابه « النكت في إعجاز القرآن » بحث طريف في هذا التشبيه بعد أن يلحقه بباب الاستعارة يقول فيه :« حقيقة قدمنا هنا عمدنا، وقدمنا أبلغ منه لأنه يدل على أنه عاملهم معاملة القادم من سفر لأنه من إمهاله لهم كمعاملة الغائب عنهم ثم قدم فرآهم على خلاف من أمرهم، وفي هذا تحذير من الاغترار بالافهام والمعنى الذي يجمعهما العدل لأن العمد لإبطال الفاسد عدل والقدوم الى ابطال الفاسد عدل والقدوم أبلغ لما بينّا، وأما هباء منثورا فبيان ما قد أخرج مالا تقع عليه الحاسة الى ما تقع عليه ».
فانظر اليه كيف استجمع الصور القرآنية في ذهنه وكيف أوحى اليه لفظ قدمنا المستعار من معان ثم كيف كشف عن خبايا التعبير القرآني في استعارة القدوم للعمد وفضل الاول في بعث الخيال وإثارته ليربط بين المعنى الأول في الآية والمعنى المستعار، وصورة أخرى ربطية تثور في الخيال وهي صورة المسافر الغائب الذي يأتي فيرى القوم على خلاف فيضرب ليعدل ويصلح الفاسد.
و قال الواحدي :« معنى قدمنا عمدنا وقصدنا يقال : قدم فلان إلى أمر كذا إذا قصده أو عمده ومنه قول الشاعر :
و قدم الخوارج الضلال إلى عباد ربهم فقالوا
إن دماءكم لنا حلال
إعراب القرآن وبيانه، ج ٦، ص : ٦٨٨
المحتوى
تتمة اعراب سورة الكهف- الآية ٧١ ٥ اعراب سورة مريم ٥٣ اعراب سورة طه ١٦١ اعراب سورة الأنبياء ٢٧٩ اعراب سورة الحج ٣٨٥ اعراب سورة المؤمنون ٤٩٤ اعراب سورة النور ٥٥٦ اعراب سورة الفرقان ٦٦٣ انتهى المجلد السادس ويليه المجلد السابع بدءا من الآية « ٢٤ »
من سورة الفرقان
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٥
[المجلد السابع ]


الصفحة التالية
Icon