إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا) إلا أداة استثناء ومن شاء مستثنى منقطع لأنه من غير الجنس أي لا أطلب منكم أجرا لنفسي لكن من شاء أن ينفق أمواله في سبيل اللّه ولوجهه خالصا فليفعل، وأن وما في حيزها مفعول المشيئة والى ربه في موضع المفعول الثاني ليتخذ وسبيلا مفعول به أول ليتخذ.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٣٢
البلاغة :
الاستعارة التصريحية في قوله « مرج البحرين » فقد شبه بهما الماءين الكثيرين الواسعين، وحجرا محجورا هي كلمة تقال عند التعوذ كما أسلفنا في هذه السورة، ولكنهما هنا تقالان على سبيل المجاز كأن كل واحد من البحرين يتعوذ من الآخر ويقول له حجرا محجورا، فإعراب حجرا محجورا مفعولين للقول المحذوف جيد للغاية من الناحية البيانية. وسيأتي قوله « بينهما برزخ لا يبغيان » في سورة الرحمن فقد شبههما كما قلنا بطائفتين متعاديتين تريد كل منهما الإيقاع بالأخرى وتتربص بها الدوائر وتنتهن السوانح والفرص، ولكنها عند ما تحصل على ما تريد تمتنع من البغي، فجعل المعنى المستعار كاللفظ المقول، وهذا من أبلغ القول وأبينه وأكثره تجسيدا وملاءمة للمعنى المراد.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٥٨ الى ٦٠]
وَ تَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً (٥٨) الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً (٥٩) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً (٦٠)
الإعراب :
(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) الواو عاطفة على ما تقدم والآية متصلة بقوله « و كان الكافر على ربه ظهيرا » فإنه
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٣٣


الصفحة التالية
Icon