في قوله « لتكونن من المخرجين » وقوله « من القالين » عدول عن الجملة الفعلية الى الصفة، وكثيرا ما ورد في القرآن خصوصا في هذه الصورة العدول عن التعبير بالفعل الى التعبير بالصفة المشتقة ثم جعل الموصوف بها واحدا من جمع كقول فرعون « لأجعلنك من المسجونين » وأمثاله كثيرة، والسر في ذلك أن التعبير بالفعل إنما يفهم وقوعه خاصة، وأما التعبير بالصفة ثم جعل الموصوف بها واحدا من جمع فانه يفهم أمرا زائدا على وقوعه وهو أن الصفة المذكورة كالسمة للموصوف ثابتة العلوق به كأنها لقب وكأنه من طائفة صارت من هذا النوع المخصوص المشهور ببعض السمات الرديئة، استمع الى قوله
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ١٢٢
تعالى « رضوا بأن يكونوا مع الخوالف » كيف ألحقهم لقبا رديئا وصيّرهم من نوع رذل مشهور بسمة التخلف حتى صارت له لقبا لاصقا به، وهذا عام في كل ما يرد عليك وورد فيما مضى من أمثال ذلك فتدبره واقدره قدره.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٧٦ الى ١٩١]
كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (١٧٦) إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٧٧) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٧٨) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٧٩) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٠)
أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (١٨١) وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ (١٨٢) وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (١٨٣) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (١٨٤) قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٨٥)


الصفحة التالية
Icon