و قد أجاب أهل السنة بأن هذا الجواب مبني على القاعدة الفاسدة في إيجاب رعاية الصلاح والأصلح وامتناع أن يخلق اللّه تعالى للعبد إلا ما هو مصلحة، فمن ثم جعل التزيين الى اللّه تعالى مجازا والى الشيطان حقيقة ولو عكس الجواب لفاز بالصواب، وتأمل ميله الى التأويل الآخر من أن المراد أعمال البر على بعده لأنه لا يعرض لقاعدته بالنقض، على أن التزيين قد ورد في الخير في قوله تعالى :« و لكن اللّه حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم » على أن غالب وروده في غير البر كقوله :
« زين للناس حب الشهوات »، « زين للذين كفروا الحياة الدنيا » و « كذلك زين للمسرفين » ومما يبعد حمله على أعمال البر إضافة الأعمال إليهم في قوله : أعمالهم، وأعمال البر ليست مضافة إليهم لأنهم لم يعملوها قط فظاهر الاضافة يعطي ذلك، ألا ترى الى قوله تعالى :« و لما يدخل الايمان في قلوبكم » وقوله :« قل لا تمنوا علي إسلامكم بل اللّه يمن عليكم أن هداكم للايمان » فأطلق الايمان في المكانين عن إضافته إليهم لأنه لم يصدر منهم، وأضاف الإسلام الظاهر إليهم لأنه صدر منهم.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ١٦٧
[سورة النمل (٢٧) : الآيات ٧ الى ١٤]
إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٧) فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨) يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩) وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١)