في قوله :« آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون » آثر « أو » على الواو لنكتة بلاغية رائعة فإن أو تفيد التخيير وقد بنى رجاءه على أنه إن لم يظفر بحاجتيه جميعا فلن يعدم واحدة منهما وهما إما هداية الطريق وإما اقتباس النار هضما لنفسه واعترافا بقصوره نحو ربه، وقد كانت الليلة شاتية مظلمة وقد ضل الطريق وأخذ زوجته المخاض، وهذا موطن تزلق فيه أقلام الكتاب الذين لا يدركون أسرار البيان وخاصة في استعمال الحروف العاطفة والجارة وقد تقدمت الاشارة الى هذا الفن.
٢- المجاز العقلي :
في إسناد الإبصار الى الآيات في قوله « فلما جاءتهم آياتنا مبصرة » ويجوز أن يكون المجاز مرسلا والعلاقة السببية لأنها سبب الإبصار وهذا أولى من قول بعضهم إن « مبصرة » اسم فاعل والمراد به المفعول أطلق اسم الفاعل على المفعول إشعارا بأنها لفرط وضوحها وإنارتها كأنها تبصر نفسها لو كانت مما يبصر.
الفوائد :
أقوال المعربين في « في تسع آيات » :
تشعبت أقوال المعربين في إعراب هذه الآية وهي « في تسع آيات الى فرعون وقومه » وقد اخترنا لك في الاعراب أمثلها وأسهلها،
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ١٧٤
و سنورد بقية الوجوه لأنها واردة ومعقولة لتشحذ ذهنك وتختار منها ما تراه أدنى الى المنطق فالاعراب منطق قبل كل شي ء.
أما الزمخشري فقد اكتفى بالوجه الذي اخترناه في الاعراب قال :
« في تسع آيات كلام مستأنف وحرف الجر فيه يتعلق بمحذوف والمعنى اذهب في تسع آيات أي في جملة تسع آيات وعدادهن، ولقائل أن يقول : كانت الآيات احدى عشرة اثنتان منها اليد والعصا، والتسع :
الفلق والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمسة والجدب في بواديهم والنقصان في مزارعهم »
.


الصفحة التالية
Icon