هذا ومن المفيد أن يرجع الذي يتوق الى معرفة تطور النظريات في مسائل الجنس الى الكتب المؤلفة في هذا الصدد فهي تلقي أضواء على المشكلة ولكنها لا تحلها، لأنها كلها لم تنته الى تهوين الفوارق بين الجنسين ولا إلى زعم الزاعمين أن الإنسان مزدوج الجنسين مختلط الذكورة والأنوثة بطبيعته، وأن الشذوذ الجنسي فيه فطرة عامة تتخذ أطوارها على حسب العمر من الطفولة الى تمام النمو في الجنسين كما يقول فرويد ومتبعوه.
و قد صور أبو نواس وهو قطب من أقطاب النرجسيين هذه الأطوار خير تمثيل وهو يغشى معاهد الدرس على هذا المثال في عرفه بقوله :
إذا ما وطئ الأمر د للعلم حصى المسجد
فقل حلّ لنا عقدا من الفقه واستفسد
فإن كان عروضيا فقولوا سجد الهدهد
و إن أعجبه النحو فها ذاك له أجود
و إن مال الى الفقه فللفقه له أفسد
و ان كان كلاميا فحرّك طرف المقود
و ميله الى الخير فقيه قرب ما يبعد
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٢٣٥
و خذه كيفما شئت- اقتضابا أو على موعد وقل : هذا قضاء الله هل يدفع أو يجحد وانتهى مصرحا :
فيا من وطئ المسجد من ذي بهجة أغيد
أنا قست على نفسي فهذا الأمر لا أجحد
و ننتهي من هذا البحث وقد كان أمرا لا بد منه وإن لم يكن هذا موضعه.
تصحيح رواية بيت في الكشاف لأبي نواس :
ذكر الزمخشري في كشافه بصدد الحديث عن قوم لوط قال :
«... كانوا في ناديهم يرتكبونها معالنين بها لا يتستر بعضهم من بعض خلاعة ومجانة وانهماكا في المعصية وكأن أبا نواس بنى على مذهبهم قوله :
و بح باسم ما تأتي وذرني من الكنى فلا خير في اللذات من دونها ستر
و صواب الرواية « و بح باسم من تهوى ودعني من الكنى »
البيت وهو من قصيدة رائعة أولها :
ألا فاسقني خمرا وقل لي هي الخمر ولا تسقني سرا إذا أمكن الجهر
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٢٣٦
و بعد البيت :
فعيش الفتى في سكرة بعد سكرة فإن طال هذا عنده قصر العمر
و بعده :


الصفحة التالية
Icon