فقد أرسله الملك عضد الدولة الى ملك الروم عام ٣٧١ ه في سفارة رسمية وأدخلوه مرة وهو في عاصمة الروم على بعض القسس فقال القاضي للقسيس : كيف أنت والأهل والأولاد؟ فتعجب الرومي وقال له : ذكر من أرسلك في كتاب الرسالة أنك لسان الأمة ومتقدم على علماء الملة، أما علمت أن المطارنة والرهبان منزهون عن الأهل والأولاد؟
فأجابه القاضي أبو بكر : رأيناكم لا تنزهون اللّه سبحانه عن الأهل والأولاد فهل المطارنة عندكم أقدس وأجل وأعلى من اللّه سبحانه، وأراد كبير الروم أن يخزي القاضي فقال له : أخبرني عن قصة عائشة زوج نبيكم وما قيل فيها؟ فأجابه هما اثنتان قيل فيهما ما قيل : زوج نبينا ومريم أم المسيح فأما زوج نبينا فلم تلد وأما مريم فجاءت بولد تحمله على كتفيها وقد برأهما اللّه مما رميتا به، فانقطع الرومي ولم يحر جوابا.
خلاصة نظرية الباقلاني في الإعجاز :
١- يبدأ بعرض الفكرة عرضا بسيطا فيثبت صحة ما بين أيدينا من نصّ القرآن وأنه هو حقا كتاب اللّه المنزّل على نبيه وأنه آية محمد ومعجزته الخالدة.
٢- يثبت عجز العرب عن الإتيان بمثله على رغم تحديه لهم مرارا.
٣- وينتهي من المقدمات السالفة إلى نتيجة عامة هي خلاصة نظريته في الإعجاز وهي « خروج نظم القرآن عن سائر كلام العرب ونظومهم » ثم يشرح هذه النظرية في كتاب الإعجاز فيقول :« و الوجه الثالث انه بديع النظم عجيب التأليف، متناه في البلاغة على تصرف
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٢٧٠
وجوهه، واختلاف مذاهبه، خارج عن المعهود من نظم جميع كلامهم، ومباين للمألوف من ترتيب خطابهم وله أسلوب خاص به ويتميز في فصوله عن أساليب الكلام المعتاد »
.


الصفحة التالية
Icon