يتناول الباقلاني السورة جملة : يفسر غريبها ويبين ما فيها من جمال اللفظ والمعنى ويأخذ في تحليلها من أولها فيقول :« بدأ بذكر السورة إلى أن بين أن القرآن من عنده » ثم وصل بذلك قصة موسى وانه رأى نارا فقال لأهله « امكثوا إني آنست نارا سآتيكم منها بشهاب قبس لعلكم تصطلون » وقال في سورة طه في هذه القصة :
« لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى » ثم قال : فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان اللّه رب العالمين » فانظر الى ما أجرى له الكلام الأول وكيف اتصل بتلك
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٢٧٤
المقدمة وكيف وصل بها ما بعدها من الأخبار عن الربوبية وما دلّ عليها من قلب الفصاحة وجعله دليلا يدله عليه ومعجزة تهديه إليه وانظر الكلمات المفردة القائمة بنفسها في الحسن وفيما تتضمنه من المعاني الشريفة ثم ما شفع به هذه الآية وقرن به هذه الدلالة من اليد البيضاء عن نور البرهان من غير سوء ثم انظر في آية آية وكلمة كلمة هل تجدها كما وصفنا من عجيب النظم وبديع الوصف، فكل كلمة لو أفردت كانت في الجمال غاية وفي الدلالة آية فكيف إذا قارنتها أخواتها وضامتها ذواتها تجري في الحسن مجراها وتأخذ في معناها ثم من قصة الى قصة ومن باب الى باب من غير خلل يقع في نظم الفصل الى الفصل وحتى يصور لك الفصل وصلا ببديع التأليف وبليغ التنزيل ».


الصفحة التالية
Icon