أن ينال منه إلا من طريق الألفاظ وحدها. ونورد هنا نماذج من هذه الرسالة.
١- أخذ الصاحب على المتنبي التفاصح بالألفاظ الشاذة فمن ذلك قوله :
أ يفطمه التوراب قبل فطامه ويأكله قبل البلوغ الى الأكل
قال :« و ما أرى كيف عشق التوراب حتى جعله عوذة أشعاره » والتوراب : التراب.
و معنى البيت : أيفطمه التوراب قبل أن تفطمه أمه ويأكله التراب قبل أن يبلغ سن الآكل.
٢- وأخذ عليه لفظة ترنج بقوله :
شديد البعد من شرب الشمول ترنج الهند أو طلع النخيل
قال الصاحب ساخرا :« فلا أدري أاستهلال الأبيات أحسن؟ أم المعنى أبدع؟ أم قوله ترنج أفصح » ولقد أصاب الصاحب فاللغة الفصيحة هي أترج وأترجة ومنه الحديث مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، وحكى أبو زيد ترنج وترنجة، يقول أبو الطيب : ترنج الهند وطلع النخيل شديد بعدهما عن محلك من شرب الخمر وإن كان غيرك يتخذهما لذلك لأن هذه الحال غير مظنونة
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٣٣٥
بك وانما استحضارك لهما ولما يشاكلهما من الرياحين استمتاعا بحسن ذلك.
٣- وانتقد الصاحب جمع الآخاء في شعره إذ قال.
كل آخائه كرام بني الدنيا ولكنه كريم الكرام قال :« و لو وقع الآخاء » في رائية الشمّاخ لاستثقل فكيف مع أبيات منها :
قد سمعنا ما قلت في الأحلام وأنلناك بدرة في المنام
و الكلام إذا لم يتناسب زيّفه جهابذته، وبهرجه نقاده ».
و على هذا النحو يمضي في كشف مساوئ المتنبي وكلها أمور ترجع الى اللفظة وحدها وسيرد معنا الكثير منها فلنكتف بما ذكرناه الآن منها.
و عاب النقاد القوافي الملتاثة، فعابوا على أبي تمام قافيته الثائية في قصيدته التي مطلعها :
قف بالطلول الدارسات علاثا أصخت حبال قطينهن رثاثا
و علاثا منادى مرخم وأصله يا علاثة. وعابوا على أبي الطيب قافيته الشينية في قصيدته التي مطلعها :
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٣٣٦
مبيتي من دمشق على فراش حشاه لي بحرّ حشاي حاش


الصفحة التالية
Icon