نسج المؤرخون والقصاصون روايات شتى وأساطير عجيبة حول هذه القصة الفريدة التي تصلح نواة لمسرحية عالمية تمثّل الزهو الذي يصيب المتمولين، وقد اختلف في نسبه، قيل كان ابن عم موسى بن عمران وقيل كان ابن خالته، وهو أول من ضرب به المثل في كثرة المال، وفي قوله تعالى « و كان من قوم موسى » دليل على إيمانه وقرابته وكان من أحسن الناس وجها وقراءة للتوراة ويسمّى المنور لحسنة وقيل إنه كان من السبعين الذين اختارهم موسى من قومه، قيل انه خرج راكبا بغلة شهباء ومعه سبعمائة وصيفة على بغال شهب عليهن الحلي والحلل والزينة فكاد يفتن بني إسرائيل ثم بغى وتكبر وركب رأسه حتى أهلكه اللّه. وقد أخطأ صاحب المنجد فزعم أنه وزير فرعون كأنه ظنه هامان وهذا من نتائج التسرع وعدم التحقيق. وكان سبب هلاكه أنه حسد هرون على الحبورة، وذلك أن موسى لما قطع البحر وأغرق فرعون جعل الحبورة لهارون فحصلت له النبوة، والحبورة بضم الحاء : الإمامة، مأخوذة من الحبر بمعنى الرئيس في الدين، فوجد قارون من ذلك في نفسه وقال : يا موسى لك الرسالة ولهارون الحبورة ولست في شي ء لا أصبر على هذا، فقال موسى : واللّه ما صنعت ذلك لهارون بل جعله اللّه له، فقال واللّه لا أصدقك أبدا حتى تأتيني بآية فأمر موسى رؤساء بني إسرائيل أن يجي ء كل رجل منهم بعصاه فجاءوا بها فألقى موسى بها في قبّة له وكان ذلك بأمر اللّه ودعا موسى أن يريهم اللّه بيان ذلك، فباتوا
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٣٨٤
يحرسون عصيهم فأصبحت عصا هارون تهتز لها ورق أخضر وكانت من شجر اللوز فقال موسى : يا قارون أما ترى صنع اللّه تعالى لهارون فقال : واللّه ما هذا بأعجب مما تصنع من السحر ثم اعتزل بمن معه من بني إسرائيل وكان كثير المال والتبع فدعا عليه موسى.


الصفحة التالية
Icon