أطال المعربون في التماس وجوه الاعراب لهذه الآية وهي « أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يؤمنون » وقد اخترنا أمثل هذه الوجوه وأدناها الى المنطق كما أوردنا نص قول الزمخشري فيها وكلا الوجهين سائغ مراد ونريد أن نفصل لك القول في الظن والحسبان وغيرهما من الأفعال التي تسمى « أفعال القلوب » وانما قيل لها ذلك لأن معانيها قائمة بالقلب، وليس معنى هذا أن كل فعل قلبي ينصب مفعولين بل القلبي ثلاثة أقسام ما لا يتعدى بنفسه نحو فكر في الأمر وتفكر فيه، وما يتعدى لواحد بنفسه نحو عرف الحق وفهم المسألة، وما يتعدى لاثنين بنفسه وهو المقصود بالتسمية وأصل المفعولين المبتدأ والخبر، ورد بعضهم وهو السهيلي هذا القول وقال كيف يكون نحو ظننت زيدا عمرا أصلهما مبتدأ وخبر وأجيب بأن المراد هو التشبيه بدليل أنه يقال : ظننت زيدا عمرا فتبين خلاف فالظن المذكور لتشبيهه به، وأجاب بعضهم بجواب آخر وهو أنه متأول بمعنى ظننت الشي ء المسمى بزيد مسمى بعمر كما أن قولك
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٤٠٣
زيد حاتم متأول بمعنى زيد مثل حاتم في المعنى، استمع الى قول زفر ابن الحارث الكلابي :
و كنا حسبنا كل بيضاء شحمة عشية لاقينا جذام وحميرا
فكل بيضاء مفعول حسبنا الأول وشحمة مفعوله الثاني وهو كناية عن أنه كان يظنهم شجعانا فتبينوا بخلاف ذلك وبعد هذا البيت :
فلما لقينا عصبة تغلبية يقودون جردا في الأعنّة خمرا
سقيناهم كأسا سقونا بمثلها ولكنهم كانوا على الموت أصبرا
فلما قرعنا النبع بالنبع بعضه ببعض أبت عيدانه أن تكسّرا