و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال :« إن في الجنة نهرا طول الجنة حافتاه العذارى قيام متقابلات يغنين بأحسن أصوات يسمعها الخلائق حتى ما يرون أن في الجنة لذة مثلها، قلنا يا أبا هريرة وما ذاك الغناء؟ قال : إن شاء اللّه التسبيح والتحميد والتقديس وثناء على الرب عز وجل ».
لمحة عن تاريخ الغناء :
لم يكن الغناء في غابر العصور على ما نعهده اليوم من ضبط القواعد والروابط بل كان ساذجا، وأول من جعل له قواعد وضوابط- على ما قيل- بطليموس وهو فيلسوف رياضي اشتغل بالرياضيات والموسيقى وإليه ينسب أول سلم موسيقي، وكان أول من غنى في العرب من النساء قينتان لعاد يقال لهما الجرادتان ومن غنائهما :
ألا يا قين ويحك قم وهينم لعل اللّه يصبحنا غماما
و أول من غنى من الرجال في اليمن ذو جدن وهو قيل من أقيال حمير وهكذا كان غناء العرب في جاهليتهم ساذجا كتغني الحداة في حداء إبلهم والفتيان بالقمر والنجم والفلاة والخيل. وقد ورد ذكر الغناء في شعرهم، قال طرفة بن العبد :
إذا نحن قلنا : اسمعينا انبرت لنا على رسلها مطروفة لم تردّد
أي لم تتكلف، وقوله مطروفة هي التي أصيب طرفها بشي ء أي كأنها أصيب طرفها لفتور نظرها ويروى مطلوقة ومطروقة.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٤٨٢
قال ابن رشيق القيرواني في كتاب العمدة :« غناء العرب قديما على ثلاثة أوجه : النصب والسناد والهزج، فأما النصب فغناء الركبان والفتيان قال اسحق بن ابراهيم وهو الذي يقال له المرائي وهو الغناء الجنابي اشتقه رجل من كلب يقال له جناب بن عبد اللّه بن هبل فنسب إليه ومنه كان أصل الحداء وكله يخرج من أصل الطويل في العروض، وأما السناد فالثقيل ذو الترجيع الكثير النغمات والنبرات وهو على ست طرائق : الثقيل الأول وخفيفه والثقيل الثاني وخفيفه والرمل وخفيفه، وأما الهزج فالخفيف الذي يرقص عليه ويمشى بالدف والمزمار فيطرب ويستخف الحليم.


الصفحة التالية
Icon