فالمغيرة الاولى : رجل، والمغيرة الثانية : الفرس وهي ثانية الخيل التي تغير، وقال أبو نواس في ابن الربيع :
عباس عباس إذا احتدم الوغى والفضل فضل والربيع ربيع
و قال أبو تمام :
ليالينا بالرقمتين وأهلنا سقى العهد منك العهد والعهد والعهد
فالعهد الأول المسقى : هو الوقت، والعهد الثاني هو الحفاظ من قولهم فلان ماله عهد، والعهد الثالث الوصية من قولهم عهد فلان الى فلان وعهدت إليه أي وصّاني ووصيّته، والعهد الرابع المطر وجمعه عهاد، واستثقل قوم هذا التجنيس وحق لهم.
هذا وقد ولع أبو تمام بالتجنيس كثيرا فأجاد في بعضه وأسف في بعضه الآخر وقد أوردنا فيما سبق من هذا الكتاب نماذج من حسناته وسيئاته ويبدو التكلف ظاهرا فيه.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٥٢٣
أما ابن الرومي فليس من هواة الصناعة اللفظية ولم يكن يشغل باللفظ كثيرا وانما كان يجانس لمعنى يراه هو ولا يجانس لتزويق فارغ ولهو سخيف، ومن مليح ما جاء له :
للسود في السود آثار تركن بها لمعا من البيض تثني أعين البيض
فالسود الأول : الليالي، والسود الآخر : شعرات الرأس واللحية والبيض الأول الشيبات والبيض الآخر النساء.
و قوله :
فيسبيك بالسحر الذي في جفونه ويصبيك بالسحر الذي هو نافثه
أو مثل هذا البيت :
تصيب إذا حكمت وإن طلبنا لديك العرف كنت حيا تصوب
أو مثل هذا البيت :
ليس ينفكّ طيرها في اصطحاب تحت أظلال أيكها واصطخاب
و هكذا كان في كل تجنيسه الذي لا تعسف فيه وليس هو بالكثير البارز في ديوانه الكبير فإذا جنس في غير ذلك فهو عابث متعمد للعبث وليس بملفق محسّنات ولا بطالب تزويق كما قال :
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٥٢٤
لو تلفّفت في كساء الكسائي وتلبّست فروة الفرّاء
و تخلّلت بالخليل وأضحى سيبويه لديك رهن سباء
و تكوّنت من سواد أبي الاسو د شخصا يكنى أبا السوداء