فإن قلت : قوله ولا مولود هو جاز عن والده شيئا وارد على طريق من التوكيد لم يرد عليه ما هو معطوف عليه؟ قلت الأمر كذلك لأن الجملة الاسمية آكد من الفعلية وقد انضم الى ذلك قوله هو وقوله مولود والسبب في مجيئه على هذا السنن أن الخطاب للمؤمنين وعليتهم قبض آباؤهم على الكفر وعلى الدين الجاهلي فأريد حسم أطماعهم وأطماع الناس فيهم أن ينفعوا آباءهم في الآخرة وأن يشفعوا لهم وأن يغنوا عنهم من اللّه شيئا فلذلك جي ء به على الطريق الآكد » وواضح من هذا التعليل الجميل أنه يتمشى على الموجودين في زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم أو أنه خاص بهم والصحيح أنه عام لهم ولكل من ينطبق عليهم اسم الناس فالأولى أن يقال في جواب السؤال ان اللّه تعالى
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٥٦٩
لما أكد الوصية على الآباء وقرن شكرهم بوجوب شكره عز وجل وأوجب على الولد أن يكفي والده ما يسوءه بحسب نهاية إمكانه وغاية طوقه قطع هنا وهم الوالد في أن يكون الولد في القيامة مظنة لأنه يجزيه حقه عليه ويكفيه ما يلقاه من أهوال القيامة كما أوجب اللّه عليه في الدنيا ذلك في حقه، ولما كان إجزاء الولد عن الوالد ظنة الوقوع وموطن الأمل لأن اللّه حضه عليه في الدنيا كان جديرا بتأكيد النفي لإزالة هذا الوهم وهذا غير وارد في حق الولد على الوالد وهذا من الحسن بمكان فتأمله.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٥٧٠
(٣٢) سورة السجدة
مكيّة وآياتها ثلاثون
[سورة السجده (٣٢) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ



الصفحة التالية
Icon