لو كان لي قلبان عشت بواحد وتركت قلبا في هواك يعذب
و خلاصة القول أن أشد ما ذكر فيه من التأويلات انهم كانوا يدعون لابن خطل قلبين فنفى اللّه صحة ذلك وقرنه بما كانوا يقولونه من الأقاويل المتناقضة كجعل الأدعياء أبناء والزوجات أمهات وهذه الأمور الثلاثة متنافية، أما الأول فإنه يلزم من اجتماع القلبين قيام أحد المعنيين بأحدهما وضده في الآخر وذلك كالعلم والجهل والأمن والخوف وغير ذلك، وأما الثاني فلأن الزوجة في مقام الامتهان والأم في محل الإكرام فنافى أن تكون الزوجة أما، وأما الثالث فلأن البنوّة أصالة وعراقة في النسب والدعوة لاصقة عارضة به فهما متنافيان وذكر الجوف ليصور به صورة اجتماع القلبين فيه حتى يبادره السامع بالإنكار.
هذا وقد قال تعالى هنا « ما جعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه » وقال في موضع آخر :« رب إني نذرت لك ما في بطني محررا » فاستعمل الجوف في الأولى والبطن في الثانية ولم يستعمل الجوف موضع البطن ولا البطن موضع الجوف واللفظتان سواء في الدّلالة وهما ثلاثيتان في عدد واحد ووزنهما واحد أيضا فانظر الى سبك الألفاظ كيف يفعل فعله؟
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٦٠١
٣- قصة زيد بن حارثة :