وَ أَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) عطف على أخذنا السابقة وسيأتي سر وصف الميثاق بالغلظ في باب البلاغة. (لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً) اللام للتعليل ويسأل فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام والجار والمجرور متعلقان بأخذ على طريق الالتفات وفاعل مستتر يعود على اللّه والصادقين مفعول به وعن صدقهم متعلقان بيسأل وأعد للكافرين عطف على أخذنا من النبيين وللكافرين متعلقان بأعد وعذابا مفعول به وأليما صفة.
البلاغة :
١- التشبيه البليغ :
في قوله « و أزواجه أمهاتهم » تشبيه بليغ ووجه الشبه متعدد يتعلق ببعض الأحكام وهي : وجوب تعظيمهن واحترامهن وتحريم نكاحهن ولذلك قالت عائشة :« لسنا أمهات النساء » تعني أنهن إنما كنّ أمهات الرجال لكونهن محرمات عليهم كتحريم أمهاتهم ولهذا كان لا بد من تقدير أداة التشبيه فيه.
٢- عطف الخاص على العام :
و في قوله « و إذا أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك » الآية، عطف الخاص على العام لأن هؤلاء الخمسة المذكورين هم أصحاب الشرائع والكتب وأولو العزم من الرسل فآثرهم بالذكر للتنويه بإنافة فضلهم على غيرهم، وقدم النبي محمدا صلى اللّه عليه وسلم مع أنه مؤخر عن نوح ومن بعده لأنه هو المخاطب من بينهم والمنزل عليه هذا المتلو فكان تقديمه لهذا السبب لا لأن التقديم في الذكر مقتض لكونه أفضلهم، فقد ورد في الشعر قوله :
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٦٠٤
بهاليل منهم جعفر وابن أمه علي ومنهم أحمد المتخير
فأخر ذكر النبي ليختم به تشريفا.
٣- الاستعارة المكنية :
و في وصف الميثاق بالغلظ استعارة مكنية، شبّه الميثاق بجرم محسوس واستعار له شيئا من صفات الأجرام وهو الغلظ للتنويه بعظم الميثاق وجلاله وهو المعني بقوله تعالى « و إذا أخذ اللّه ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة » الآية.
[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٩ الى ١٣]