في قوله « ورد الذين كفروا بغيظهم... » الآية فن المناسبة وقد تقدم الإلماع الى هذا الفن وأنه ضربان : مناسبة في المعاني ومناسبة في الألفاظ، وما ورد في هذه الآية من الضرب الأول لأن الكلام لو اقتصر فيه على دون الفاصلة لأوهم ذلك بعض الضعفاء أن هذا الإخبار موافق لاعتقاد الكفار في أن الريح التي حدثت كانت سببا في رجوعهم خائبين وكفى المؤمنين قتالهم، والريح إنما حدث اتفاقا كما تحدث في بعض وقائعهم وقتال بعضهم لبعض وظنوا أن ذلك لم يكن من عند اللّه فوقع الاحتراس بمجي ء الفاصلة التي أخبر فيها سبحانه أنه قوي عزيز قادر بقوته على كل شي ء ممتنع وأن حزبه هو الغالب وأنه لقدرته يجعل النصر للمؤمنين أفانين متنوعة ليزيدهم إيمانا وتثبيتا فهو ينصرهم
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٦٢٩
مرة بالقتال كيوم بدر وتارة بالريح كيوم الأحزاب وطورا بالرعب كبني النضير وأحيانا ينصر عليهم أولا ويجعل العاقبة لهم أخيرا كيوم أحد وحينا يريهم أن الكثرة لم تكن ولن تكون كل شي ء في المعركة وأنه كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة ليتحققوا بأن النصر إنما هو من عند اللّه كيوم حنين وهذا من أروع ما يتزين به الكلام.
الفوائد :
خلاصة قصة غزوة بني قريظة :