عليه وله حتى في الميراث وحرمة النسب وقد تقدم قوله تعالى بهذا الصدد ناعيا على العرب ما كانوا يدينون به :« ما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم واللّه يقول الحق وهو يهدي السبيل » وليس أحد أجدر من النبي يختصه اللّه بهذا التكليف الذي يبطل تلك العادة ويحمل العرب على التقصي منها، فعمد بوحي منه تعالى الى خرق هذه العادة وإبطالها فأرغم زينب أن تتزوج بزيد وهو مولاه وصفيه تمهيدا لإقامة شرع جديد وتنفيذ حكم إلهي لا محيد عن تنفيذه، وبعد أن صارت زينب الى زيد لم يسلس قيادها ولم يلن إباؤها بل شمخت عليه وتعالت، وتعمدت إيلام قلب زوجها، بالتعالي عليه في النسب والحرية فاشتكى زيد ذلك إلى النبي المرة بعد المرة والنبي في خلقه السمح وسجاياه الطاهرة يهدهد من آلام زيد ويقول له « أمسك عليك زوجك واتق اللّه » إلى أن أتى أمر اللّه وغلب على ذلك كله فسمح لزيد بطلاقها بعد أن استحال جو البيت جحيما لا يطاق كما قال تعالى « لكيما يكون على المؤمنين من حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر اللّه مفعولا » وأكد ذلك كما يأتي، بقوله :« ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول اللّه وخاتم النبيين وكان اللّه بكل شي ء عليما ».
و على هذا النحو يمكن القول بصورة جازمة أن اللّه تعالى ذكر نبيه بما وقع منه ليزيده تثبيتا على الحق وليدفع عنه ما حاك في صدور ضعاف العقول فقال :« و إذ تقول للذي أنعم اللّه عليه » بالإسلام « و أنعمت عليه » بالعتق والحرية والاصطفاء بالولاية والمحبة وتزويجه بنت عمتك وتعظه عند ما كان يشكو إليك من إيذاء زوجه :« أمسك عليك زوجك واتق اللّه » واخشه في أمرها فإن الطلاق يشينها وقد
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٢٣