كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) كلا حرف ردع وزجر وبل حرف إضراب وهو ضمير الشأن مبتدأ واللّه مبتدأ ثان والعزيز الحكيم خبراه
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٩١
و الجملة خبر هو، ولك أن تجعل هو ضميرا عائدا على اللّه وتعربه مبتدأ خبره اللّه والعزيز الحكيم صفتان.
البلاغة :
حفلت هذه الآيات بضروب من البلاغة نوجزها فيما يلي :
١- الفرائد :
في قوله « حتى إذا فزع عن قلوبهم » فن طريف يسمى فن الفرائد وهو أن يأتي المتكلم في كلامه بلفظة تتنزل منزلة الفريدة من حب العقد وهي الجوهرة التي لا نظير لها بحيث لو سقطت من الكلام لم يسدّ غيرها مسدها وقد مرت نماذج منها، وفي لفظة فزع عن قلوبهم من غرابة الفصاحة ما لا مزيد عليه. ومن شواهد هذا الفن في الشعر قول أبي تمام :
و معترك للشوق أهدى به الهوى إلى ذي الهوى نجل العيون ربائبا
فالفريدة في لفظة معترك وقد اقتبسها الشيخ عمر بن الفارض فقال :
ما بين معترك الأحداق والمهج أنا القتيل بلا إثم ولا حرج
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٩٢
٢- الاستدراج :
في قوله :« و إنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين » وهو فن يعتبر من البلاغة محورها الذي تدور عليه لأنه يستدرج الخصم ويضطره الى الإذعان والتسليم والعزوف عن المكابرة واللجاج فإنه لما ألزمهم الحجة خاطبهم بالكلام المنصف الذي يقول من سمعه للمخاطب به قد أنصفك صاحبك ونحوه قول الرجل لصاحبه :
مني ومنك وإن أحدنا لكاذب، ومنه قول الشاعر حسان بن ثابت :
أتهجوه ولست له بكف ء فشر كما لخير كما الفداء


الصفحة التالية
Icon