قال الزمخشري :« فإن قلت : لم قدم الظالم ثم المقتصد ثم السابق؟ قلت : للإيذان بكثرة الفاسقين وغلبتهم وان المقتصدين قيلل بالإضافة إليهم والسابقين أقل من القليل » وأوضح الخازن هذا المعنى بعبارة أكثر بسطا فقال :« فإن قلت : لم قدم الظالم ثم المقتصد ثم السابق؟ قلت : قيل : رتبهم هذا الترتيب على مقامات الناس لأن أحوال الناس ثلاثة : معصية وغفلة وتوبة، فإذا عصى الرجل دخل في حيز الظالمين فإذا تاب دخل في جملة المقتصدين فإذا صحت توبته وكثرت عبادته ومجاهدته دخل في عداد السابقين ».
٢- بين المعتزلة وأهل السنة :
قال الزمخشري :« فإن قلت كيف جعلت جنات عدن بدلا من
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ١٥٨
الفضل الكبير؟ قلت : لأن الاشارة بالفضل الى السبق بالخيرات وهو السبب في الجنات ونيل الثواب، فأقام السبب مقام المسبب، وفي اختصاص السابقين بذكر الجزاء دون الآخرين ما يوجب الحذر فليحذر المقتصد وليملك الظالم لنفسه حذرا وعليهما بالتوبة النصوح ولا يغترا بما رواه عمر رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له فإن شرط ذلك صحة التوبة فلا يعلل نفسه بالخدع » وهذا الكلام جار على مذهب المعتزلة أما أهل السنة فيجوزون الغفران بمجرد الفضل، قال ابن المنير في الرد على الزمخشري :« و قد صدرت هذه الآية بذكر المصطفين من عباد اللّه ثم قسمتهم الى الظالم والمقتصد والسابق ليلزم اندراج الظالم لنفسه من الموحّدين في المصطفين وانه لمنهم، وأي نعمة أتم وأعظم من اصطفائه للتوحيد والعقائد السالمة من البدع فما بال المصنف (أي الزمخشري) يطنب في التسوية بين الموحد المصطفى والكافر المجترئ.
قبسة عن المعتزلة :