فلو شئت أن أبكي دما لبكيته عليه ولكن ساحة الصبر أوسع
فأن وما بعدها في تأويل مصدر مفعول شئت لأنه شي ء مستغرب فحسن ذكره ومثل شاء أراد في هذا الحكم (لَذَهَبَ) اللام واقعة في
إعراب القرآن وبيانه، ج ١، ص : ٥٠
جواب لو وذهب فعل ماض مبني على الفتح وفاعله مستتر فيه جوازا تقديره هو (بِسَمْعِهِمْ) الجار والمجرور متعلقان بذهب (وَأَبْصارِهِمْ) عطف على يسمعهم (إِنَّ) حرف مشبه بالفعل (اللَّهُ) اسمها المنصوب (عَلى كُلِّ) الجار والمجرور متعلقان بقدير (شَيْ ءٍ) مضاف اليه (قَدِيرٌ) خبر إنّ وجملة لذهب لا محل لها من الاعراب لأنها جواب شرط غير جازم وجملة إن اللّه تعليلية لا محل لها من الاعراب.
البلاغة :
١- الاستعارة التصريحية فقد شبههم بالصم والبكم والعمي وطوى ذكر المشبه واعتبره بعض علماء البلاغة في حكم المذكور فهو عندهم تشبيه بليغ وارد في كلامهم كثيرا.
قال شاعرهم :
صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به وإن ذكرت بسوء عندهم دفنوا
و لكن بلغاء المحققين يتناسون المشبّه ويضربون عن توهمه صفحا.
قال أبو تمام يمدح خالد بن يزيد الشيبانيّ :
و يصعد حتى يظنّ الجهول بأنّ له حاجة في السماء
فقد استعار الصعود من العلوّ الحسيّ للعلوّ المعنوي على طريق الاستعارة التصريحية ثم بنى عليه ما يبنى على العلو في المكان ترشيحا وتتميما للمبالغة ولم يذكر المشبّه.
٢- التشبيه التمثيلي المتكرر فقد شبّه سبحانه المنافقين وإظهارهم الايمان وإبطانهم الكفر بمن استوقد نارا ثم انقطعت وذلك من ثلاثة أوجه :
آ- أن مستوقد النار يستضي ء بنورها، وتذهب عنه وحشة الظلمة فإذا انطفأت ذهبت الاستضاءة وانتفى الانتفاع والاهتداء.
إعراب القرآن وبيانه، ج ١، ص : ٥١
ب- أن مستوقد النار إذا لم يمدها بالوقود ذهب ضوءها كذلك المنافق إذا لم يستدم الايمان ذهب إيمانه.


الصفحة التالية
Icon