يقول : فإن أسلم من مرض لم أبق خالدا ولكن سلمت من الموت بهذا المرض إلى الموت بمرض آخر وهذا معنى بديع تداوله الشعراء، فقال آخر :
إذا بلّ من داء به خال أنه تجاذبه الداء الذي هو قاتله
و قد دندن أبو الطيب لتصوير المتاع المستعجل ببيتين ولم يسم إلى الآية فقال :
تمتع من سهاد أو رقاد ولا تأمل كرى تحت الرجام
فإن لثالث الحالين معنى سوى معنى انتباهك والمنام
أراد بثالث الحالين الموت يقول ما دمت حيا تمتع من حالتي النوم والسهاد فإنك لا تنام في القبر، والموت غير اليقظة والرقاد فلا تحسبن الموت نوما.
الفوائد :
عبارة القرطبي في تفسير الآية :
وعدناك أن ننقل لك عبارة القرطبي وبرا بهذا الوعد نوردها لك :« هذه الآية من أشكل ما في هذه السورة لأنهم هم المحمولون
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٢٠٨
فقيل : المعنى وآية لأهل مكة أنا حملنا ذرية القرون الماضية في الفلك المشحون فالضميران مختلفان، ذكره المهدوي وحكاه النحاس عن علي ابن سليمان انه سمعه يقوله وقيل الضميران جميعا لأهل مكة على أن يكون المراد بذرياتهم أولادهم وضعفاءهم فالفلك على القول الأول سفينة نوح وعلى الثاني يكون اسما للجنس أخبر تعالى بلطفه وامتنانه أنه خلق السفن يحمل فيها من يضعف عن المشي والركوب من الذرية والضعفاء فيكون الضميران على هذا متفقين، وقيل الذرية الآباء والأجداد حملهم اللّه تعالى في سفينة نوح عليه السلام فالآباء ذرية والأبناء ذرية بدليل هذه الآية قاله أبو عثمان وسمي الآباء ذرية لأنه ذرأ منهم الأبناء، وقول رابع أن الذرية النطف حملها اللّه تعالى في بطون النساء تشبيها بالفلك المشحون قاله علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه، ذكره الماوردي »
والقول الصحيح والوجيه ما أسلفناه.
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٤٧ الى ٥٠]


الصفحة التالية
Icon