٢- تنوين صراط وفيه تفخيم كما تقدم وإيجاز يشير إلى ما عهد إليهم من معصية الشيطان وطاعة الرحمن إذ لا صراط أقوم منه ومن نماذج هذا التنوين في الشعر قول كثير عزة :
لئن كان يهدي برد أنيابها العلا لأفقر مني انني لفقير
و قيل هذا البيت من أبيات المجنون وقبله :
دعوت إلهي دعوة ما جهلتها وربي بما تخفي الصدور بصير
و بعده :
فما أكثر الأخبار أن قد تزوجت فهل يأتيني بالطلاق بشير
و قوله لئن كان يهدي بيان للدعوة التي دعاها عن قصد وحضور قلب وما بينهما اعتراض للتأكيد وإفادة أن الدعوة كانت في السر أي لئن كان يعطي برد أسنانها العليا وخصها بالذكر لأنها أول ما يبدو عند التبسم لأحوج مني إنني لبليغ الفقر حقيق بأن أوصف به لكمال
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٢٢٠
شرائطه فيّ، ويجوزان « برد أنيابها » كناية عن ذاتها كلها و « إنني لفقير » خبر مؤكد يدل على شدة الاحتياج وعظم الفاقة وأي فاقة أشد على العاشق من احتياجه إلى من يعشق يداوي أوصابه. وان في قوله « أن قد تزوجت » مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن وهي على تقدير حرف الجر أي أتعجب من كثرة الأخبار المخبرة بزواجها وهل استفهام بمعنى التمني أو التعجب مجازا مرسلا لعلاقة مطلق الطلب أي أتمنى ذلك أو أتعجب من عدمه.
٣- تقديم النهي على الأمر في قوله « ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وان اعبدوني هذا صراط مستقيم » وذلك لأن حق التخلية التقديم على التحلية كما هو مقرر في علم التوحيد وليتصل به قوله « هذا صراط مستقيم ».
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٦٢ الى ٦٧]


الصفحة التالية
Icon