حال مما تقدمه العامل فيه الفعل الذي هو سخر ومعناه مستقيم لأن تسخيرها يستلزم كونها مسخرة فالحال التي سخرت فيها هي الحال التي كانت فيها مسخرة لا على معنى تسخيرها مع كونها مسخرة قبل ذلك، وما أشار إليه الزمخشري في هذه الآية قريب من هذا التفسير إلا أنه ذكر معه تأويلا آخر كالمستشكل لهذا الوجه فجعل مسخرات جمع مسخر مصدر كممزّق وجعل المعنى وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر أنواعا من التسخير وفيما ذكرناه كفاية ومن هذا النمط : ثم أرسلنا رسلنا، وهم ما كانوا رسلا إلا بالإرسال وهؤلاء ما كانوا لا يسمعون إلا بالحفظ وأما الجواب على إشكاله الثاني فورود حذفين في مثل قوله تعالى : يبين اللّه لكم أن تضلوا، وأصله لئلا تضلوا فحذف اللام ولا جميعا من محليهما ».
و قال الشهاب الحلبي المعروف بالسمين :« و هذه الجملة منقطعة عما قبلها في الإعراب ولا يجوز فيها أن تكون صفة لشيطان على المعنى إذ يصير التقدير من كل شيطان ما رد غير سامع أو مستمع وهو فاسد ولا يجوز أيضا أن يكون جوابا لسؤال سائل لم تحفظ من الشيطان إذ يفسد معنى ذلك وقال بعضهم : أصل الكلام لئلا يسمعوا فحذفت اللام وإن وارتفع الفعل وفيه تعسف، وقد وهم أبو البقاء فجوز أن تكون صفة وأن تكون حالا وأن تكون مستأنفة فالأولان ظاهرا الفساد والثالث إن عني به الاستئناف البياني فهو فاسد أيضا وإن أراد الانقطاع على ما قدمته فهو صحيح.
أما عبارة أبي البقاء التي شجبها السمين فهي :« قوله تعالى :
لا يسمعون جمع على معنى كل وموضع الجملة جر على الصفة أو نصب على الحال أو مستأنف وعدّاه بإلى حملا على معنى يصفون ».
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٢٥١