و استقر لكم على جهة الإنكار والجملة مستأنفة وكيف اسم استفهام في محل نصب على الحال أو المفعولية المطلقة وتحكمون فعل مضارع وفاعل والجملة مستأنفة أيضا فليس لإحدى الجملتين تعلق بالأخرى.
(أَفَلا تَذَكَّرُونَ) الهمزة للاستفهام الانكاري أيضا والفاء عاطفة على محذوف مفهوم من السياق أي أعميتم عن الحقائق وضللتم عن الشواهد، ولا نافية وتذكرون فعل مضارع مرفوع وفاعل وأصله تتذكرون ومفعول تذكرون محذوف تقديره أنه منزه عن الولد.
(أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ) أم حرف عطف بمعنى بل فهو للاضراب الانتقالي ولكم خبر مقدم وسلطان مبتدأ مؤخر ومبين نعت لسلطان.
البلاغة :
في هذه الآيات يبدو الأسلوب المكي واضح الدلالة، ظاهر المفهوم، مرهف العاطفة فقد تكرر فيه الاستفهام الانكاري، ناعيا عليهم جهلهم المفرط في الغباء، القائم على ثلاث جهالات : أولاها التجسيم لأن الولادة من خصائص الأجسام وثانيتها تفضيل أنفسهم على ربهم حيث جعلوا أوضع الجنسين في اصطلاحهم ومفهومهم له وأرفعهما لهم وتلك جهالة ما بعدها جهالة وثالثتها أنهم استهانوا بأكرم خلق اللّه وأقربهم إليه حيث أنثوهم وقد كانوا يتعايرون بوصف الأنوثة ويعتبرونه من دلائل المهانة وسمات الخسة.
الفوائد :
١- اختلف في « أو » هذه اختلافا كثيرا فقال الفراء : معناها بل يزيدون فتكون عنده للإضراب ويكون الإخبار الأول بحسب ما يظهر
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٣١٥
للناس إذا رأوهم والثاني إضراب لما في الواقع ونفس الأمر فالمعنى أرسلناه الى جماعة يحزرهم الناس مائة الف وهم أزيد من ذلك وفيه نكتة جليلة وهي الانتقال من الأدنى الى الأعلى لما له من الوقع في النفس ولفت النظر إليه بخلاف ما إذا أخبر بالأعلى من أول الأمر، وقال بعض الكوفيين هي بمعنى الواو، أما البصريون فلهم فيها أقوال :
١- قيل هي للإبهام.


الصفحة التالية
Icon