و نثبت هنا الفرق الدقيق بين لمّا ولم وبه يتبين لما ذا أوثرت لمّا في قوله « بل لمّا يذوقوا عذاب » فهما تشتركان في أمور وهي الحرفية والاختصاص بالمضارع والنفي والجزم والقلب للمضي وجواز دخول همزة الاستفهام عليهما، وتنفرد لم عن لمّا بمصاحبة أداة الشرط
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٣٣٣
نحو « و إن لم تفعل فما بلغت رسالته » لأن الشرط يليه مثبت لم ولا يليه مثبت لمّا، وتنفرد لم عن لما أيضا بجواز انقطاع نفي منفيها نحو « هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا » لأن المعنى أنه قد كان بعد ذلك شيئا مذكورا، وتنفرد لمّا عن لم بجواز حذف مجزومها كقاربت المدينة ولما، أي ولمّا أدخلها، ولا يجوز ذلك في لم وحملوا قول إبراهيم بن علي بن محمد الهرمي على الضرورة وهو :
احفظ وديعتك التي استودعتها يوم الأعازب إن وصلت وان لم
أي وإن لم تصل، وتنفرد لما عن لم أيضا بتوقع ثبوت منفيها كقوله تعالى « بل لما يذوقوا عذاب » أي الى الآن ما ذاقوه وسوف يذوقونه، وفرق سيبويه بينها وبين لم في هذا الصدد بأن لم نفي لفعل يتوقع وجوده لم يقبل مثبته قد، ولما نفي لما يتوقع وجوده أدخل على مثبته قد، ومن الفرق الدقيق أنه لا يجوز أن تقول الحجر لم يتكلم ويجوز أن تقول الحجر لا يتكلم لأنه ما بعد لم يفيد التوقع وذلك مستحيل.
٢- قصة إسلام عمر :
يروي التاريخ أن هذه الآيات نزلت بعد إسلام عمر، ولإسلام عمر قصة محبوكة الحلقات فيها متعة، وفيها طرافة، ولكن لها روايات كثيرة وطرقا مختلفة نجتزى ء منها برواية عطاء ومجاهد التي نقلها ابن اسحق عبد اللّه بن أبي نجيح وهي تذكر ان عمر قال : كنت للإسلام تباعدا، وكنت صاحب خمر في الجاهلية أصبها وأشربها وكان
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٣٣٤


الصفحة التالية
Icon