وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ) عطف على محذوف أي قال الملكان قضى الرجل على نفسه فتنبه. وظن داود فعل وفاعل وانما كافة ومكفوفة وهي مع مدخولها سدت مسد مفعولي وفتناه فعل ماض وفاعل ومفعول به، فاستغفر عطف على وظن وربه مفعول به وخر عطف أيضا والفاعل مستتر تقديره هو وراكعا حال وأناب عطف أيضا. (فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) عطف أيضا وغفرنا فعل وفاعل وله متعلقان بغفرنا وذلك مفعول به أي ذلك الذنب، وان الواو عاطفة وأن حرف مشبه بالفعل وله خبر مقدم وعندنا ظرف متعلق بمحذوف في محل نصب على الحال واللام المزحلقة وزلفى اسم إن وحسن مآب عطف على زلفى.
البلاغة :
في قوله « إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة » الآية كناية عن المرأة فقد كانوا يكنون عن المرأة بالنعجة والشاة في نحو قول عنترة :
يا شاة ما قنص لمن حلت له حرمت علي وليتها لم تحرم
و إنما ذكر امرأة أبيه وكان يهواها وقيل بل كانت جاريته فلذلك حرمها على نفسه وهذه الكناية تتمشى مع القول بأن القصة جارية مجرى التمثيل، وسنورد خلاصتها مع القصة الخرافية الموضوعة تحريرا للأذهان من الأساطير التي تتنافى مع طهارة الأنبياء ونزاهتهم.
القصة كما يرويها المفسرون :
كان أهل زمان داود يسأل بعضهم بعضا النزول له عن امرأته اب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٣٤٩
إذا أعجبته فيتزوجها، وقد روي مثله عن الأنصار كانوا يواسون المهاجرين بمثل ذلك فوقعت عين داود على امرأة أوريا فأعجبته فسأله إيثاره بها ليتزوجها فاستحيا منه فنزل عنها فتزوجها وأولدها سليمان فقيل له مع كثرة نسائك لم يكن لك أن تسأل رجلا ليس له إلا امرأة واحدة النزول عنها وكان الأفضل قهر الهوى، وقيل خطبها أوريا ثم خطبها داود فرغب إليه أهلها فاندرج في الخاطب على خطبة أخيه.