حواء من آدم سابق على خلقنا منه، وقد استشكل علماء البيان والمفسرون هذا العطف وأجابوا بأجوبة نوردها ثم ترجح ما هو أقرب إلى الرجحان قال الزمخشري :« فإن قلت ما وجه قوله ثم جعل منها زوجها وما يعطيه من معنى التراخي؟ قلت : هما آيتان من جملة الآيات التي عددها دالّا على وحدانيته وقدرته وتشعيب هذا الخلق الفائت للحصر من نفس آدم وخلق حواء من قصرياه (و القصريان ضلعان يليان الترقوتين) إلا أن إحداهما جعلها اللّه عادة مستمرة والأخرى لم تجر بها عادة ولم تخلق أنثى غير حواء من قصيري رجل فكانت أدخل في كونها آية وأجلب لعجب السامع فعطفها بثم على الآية الأولى للدلالة على مباينتها لها فضلا ومزية وتراخيها عنها فيما يرجع الى زيادة كونها آية فهو من التراخي في الحال والمنزلة لا من التراخي في الوجود ».
و قال غيره :« المعطوف متعلق بمعنى واحدة فثم عاطفة عليه لا على خلقكم فمعناه خلقكم من نفس واحدة أفردت بالإيجاد ثم شفعت بزوج فكانت هاهنا على بابها لتراخي الوجود ».
و نرى أن كلا الوجهين مستقيم ويصح حمل العطف عليه.
و هنا وقع ابن هشام في خطأ التلاوة فأورد هذه الآية بلفظ « هو الذي خلقكم من نفس واحدة » إلخ.. وقد أوردها شاهدا على أن قوما خالفوا في معناها وهو الترتيب تمسكا بها قال :« و الجواب عن الآية من خمسة أوجه :(أحدها) أن العطف على محذوف أي من نفس واحدة أنشأها ثم جعل منها زوجها. (الثاني) ان العطف على واحدة على تأويلها بالفعل أي من نفس توحدت أي انفردت ثم جعل
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٣٩٤