و غير ذي عوج نعت ثان لقرآنا وسيأتي معناه في باب البلاغة ولعلهم يتقون لعل واسمها وجملة يتقون خبرها.
البلاغة :
١- الكناية أو المجاز التمثيلي :
في قوله « أ فمن يتقي بوجهه سوء العذاب » كناية عن عدم الاتقاء لأن الوجه لا يتقى به وأما الذي يتقى به فهما اليدان وهما مغلولتان ولو لم يغلا لكان يدفع بهما عن الوجه لأنه أعز أعضائه وقيل هو مجاز تمثيلي لأن الملقى في النار لم يقصد الاتقاء بوجهه ولكنه لم يجد ما يتقي به النار غير وجهه ولو وجد لفعل فلما لقيها بوجهه كانت حاله حال المتقي بوجهه فعبر عن ذلك بالاتقاء من باب المجاز التمثيلي وهو جميل أيضا. قال النابغة :
سقط النصيف ولم تردوا إسقاطه فتناولته واتقتنا باليد
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٤١٥
٢- معنى العوج :
تقدم معنى العوج في الكهف وأن العوج بالكسر مختص بالمعاني دون الأعيان والسرّ فيه، فارجع إليه هناك وقيل المراد بالعوج الشك واللبس، قال :
و قد أتاك يقين غير ذي عوج من الإله وقول غير مكذوب
و على كل حال ففي الكلام استعارة تصريحية.
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٢٩ الى ٣٢]
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٩) إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٣٢)
اللغة :
(مُتَشاكِسُونَ) : متنازعون مختلفون قال الزمخشري :
« و التشاكس والتشاخس الاختلاف تقول : تشاكست أحواله وتشاخست أسنانه » وفي المختار :« رجل شكس بوزن فلس أي صعب الخلق وقوم شكس بوزن قفل وبابه سلم وحكى الفراء شكس
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٤١٦