الأشعري كما كانت له الصدارة في الحديث والأدب واللغة وقد وصف الباخرزي المتوفى سنة ٤٦٧ مقدرته على الوعظ المؤثر بقوله :« و لو قرع الصخر بسياط تحذيره لذاب، ولو ربط إبليس في مجلس تذكيره لتاب، وله فصل الخطاب في فضل المنطق المستطاب ».
و يبدو أن الشهرة الواسعة التي تمتع بها القشيري في نيسابور قد أثارت الحقد والحسد في نفوس فقهاء هذه المدينة فشرعوا يعدون العدة للحطّ من قدره وذلك بتلفيق الاتهامات وإذاعة الأكاذيب حوله وقد نجحوا في مسعاهم وحلت بالقشيري محنة شديدة لقي فيها ألوانا من العنت والآلام والتشريد ونحيل القارئ الى طبقات السبكي ليقرأ تفاصيل تلك المحنة التي دامت خمس سنين إلى أن ردّ عليه عضد الدولة شرفه والتأم شمل مجلسه كما كان.
خلاصة الرسالة القشيرية :
تتألف الرسالة من الأقسام الرئيسية الآتية :
١- مقدمة يشرح فيها الباعث على تأليفه الرسالة فقد لاحظ أن بعض صوفية عصره قد ضلوا سبل الرشاد فعقد النية على وضع كتاب يرجع فيه بالتصوف الى سيرته الأولى، ويخلصه من البدع التي تسربت إليه وهذه هي عبارته نوردها بنصها لما فيها من روعة التصوير لهذه المأساة، يقول :« اعلموا رحمكم اللّه أن المحققين من هذه الطائفة انقرض أكثرهم، ولم يبق في زماننا هذا من هذه الطائفة إلا أثرهم كما قيل :
أما الخيام فإنها كخيامهم وأرى نساء الحي غير نسائها
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٥١٢
و يذكر القشيري في هذه المقدمة أيضا بيانا بأصول العقائد الإيمانية التي دان بها أوائل الصوفية وبنوا قواعد أمرهم في الطريق عليها ثم يلخص وجهة نظره في تسع مسائل يرجع إليها من يشاء في رسالته.
٢- وهو قسم يترجم فيه لطائفة من الصوفية مبتدئا بإبراهيم ابن أدهم ومنتهيا بأحمد بن عطاء.
٣- وهو تفسير ألفاظ تدور بين الصوفية وبيان ما يشكل منها.
٤- وهو في أدب الطريق وما يعرض للسالك من عقبات في سفره الى اللّه.
٥- خاتمة بها وصيته للمريدين.


الصفحة التالية
Icon