و ذلك في حقه تعالى محال، أو يكون حالا عن الراسخين في العلم فقط، وعندئذ يتخصص المعطوف بالحال دون المعطوف عليه، وهو أيضا غير جائز، لأنه مناف للقاعدة المقررة في العربية، وهي أن المعطوف في حكم المعطوف عليه، فثبت أن الوقف على قوله :« إلا اللّه » واجب. وإذا كان الوقف عليه واجبا فقد خاطبنا اللّه بما لا نفهمه وهو المهمل. قلت :
لا يخفى ما في حذلقة الحشويين من براعة مبنية على المغالطة فهم يجيزون الخطاب بالمهمل، فإنه يجوز تخصيص المعطوف بالحال حيث لا لبس،
إعراب القرآن وبيانه، ج ١، ص : ٤٦٠
و هو كثير في القرآن. ومنه :« و وهبنا له إسحق ويعقوب نافلة » فإن « نافلة » حال من المعطوف فقط، وهو « يعقوب » لأن النافلة هو ولد الولد وإنما هو يعقوب دون إسحق.
ما يقوله الرازي :
و استدل الامام فخر الدين الرازي في مفاتيح الغيب على أن الوقف الصحيح على قوله « إلا اللّه » بستة أوجه، ملخص الثاني منها أن الآية دلت على أن طلب التأويل مذموم لقوله تعالى :« فأما الذين في قلوبهم زيغ » الى آخر الآية، ولو كان التأويل جائزا لما ذمّه اللّه. وملخص الرابع : أنه لو كانت الواو في قوله :« و الراسخون » عاطفة لصار قوله :
« يقولون آمنا به » ابتداء، وهو بعيد عند ذوي الفصاحة، بل كان الأولى أن يقولوا : وهم يقولون آمنا به، أو يقال : ويقولون : آمنا به، ولهذا كله أسغنا الوجهين.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٨ الى ١٠]
رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨) رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٩) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (١٠)
الإعراب :


الصفحة التالية
Icon