وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ) الواو استئنافية واللام للابتداء وعذاب الآخرة مبتدأ وأخزى خبر والواو عاطفة وهم مبتدأ وجملة لا ينصرون خبر وينصرون فعل مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل.
البلاغة :
اشتملت هذه الآيات على أفانين متعددة من البلاغة نوردها فيما يلي :
١- الالتفات في قوله :« فإن أعرضوا » الآية فقد خاطبهم أولا بقوله :« أ ئنكم » بيد أنهم لم يأبهوا لخطابه ولم يستوعبوا نصحه فالتفت من الخطاب إلى الغيبة لأنهم فعلوا الإعراض فليس له إلا أن يعرض عن خطابهم ليصح التلاؤم، ويناسب اللفظ المعنى، وهذا من أرفع أنواع البلاغة وأرقاها وكم للالتفات من أسرار.
٢- العدول عن المضارع المستقبل إلى الماضي بقوله « فقد أنذرتكم » للدلالة على أن ما ينذرهم به أمر متحقق لا مندوحة عنه.
٣- الاسناد المجازي في قوله « عذاب الخزي » فإنه أضاف العذاب إلى الخزي الذي هو الذل، والخزي الذي هو الذل
إعراب القرآن وبيانه، ج ٨، ص : ٥٤٤
و الاستكانة في الأصل صفة المعذب ولكنه جنح الى وصف العذاب به للمبالغة فهو كما قلنا في الاعراب من اضافة الموصوف الى صفته.
٤- المشاركة في قوله « و لعذاب الآخرة أخزى » وجعل الخزي هذه المرة خبرا للمشاكلة على حد قول الشاعر :
« قلت اطبخوا لي جبة وقميصا » وقد تقدم بحث هذا الفن.
٥- في قوله « فاستحبوا العمى على الهدى » استعارة تصريحية فقد شبه الكفر بالعمى لأن الكافر ضال عن القصد، متعسف الطريق كالأعمى، وشبه الإيمان بالهدى لأن المؤمن مهتد الى محجة القصد وسواء السبيل ثم حذف المشبه في كليهما وأثبت المشبه به.
٦- الطباق بين العمى الهدى وقد تقدم.
[سورة فصلت (٤١) : الآيات ١٧ الى ٢٥]