و المعنى أو إن يشأ يهلك ناسا وينج ناسا على طريق العفو عنهم وعن كثير متعلقان بيعف (وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) الواو حرف عطف ويعلم معطوف على تعليل مقدّر أي يفرقهم لينتقم منهم ويعلم الذين يجادلون، هكذا قدّره الزمخشري والجلال السيوطي، وردّ أبو حيّان قائلا « و يبعد تقديره لينتقم منهم لأن الذي ترتب على الشرط إهلاك قوم ونجاة قوم فلا يحسن تقدير العلة أحد الأمرين » وتعقبه الكرخي فقال في الردّ عليه والدفاع عن إعراب السيوطي :« بل يحسن تقديره لينتقم منهم كما قال شيخنا لأن المقصود تعليل الإهلاك فقط الذي قدّره السيوطي بقوله يفرقهم إذ هو المناسب للعلة المعطوفة وهي ويعلم، ودافع الزمخشري عن الإعراب الأول وهو العطف على التعليل المحذوف بقوله : ونحوه في العطف على التعليل المحذوف غير عزيز في القرآن ومنه قوله تعالى :« و لنجعله آية للناس » وقوله « و خلق اللّه السموات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت » أما الزجّاج فأعربه بالنصب على إضمار أن وتبعه أبو البقاء قال : لأن قبلها جزاء تقول : ما تصنع أصنع مثله وأكرمك بالنصب وإن شئت وأكرمك بالرفع على وأنا أكرمك وإن شئت وأكرمك بالجزم، قال الزمخشري :« و في هذا الإعراب نظر لأن سيبويه قال في كتابه :« و اعلم أن النصب بالفاء والواو في قوله : إن تأتني آتك وأعطيك ضعيف وهو نحو من قوله « و ألحق بالحجاز فاستريحا » فهذا يجوز وليس بحدّ الكلام ولا وجهه إلا أنه في الجزاء صار أقوى قليلا لأنه ليس بواجب أنه يفعل إلا أن يكون من الأول فعل فلما ضارع الذي لا يوجبه كالاستفهام ونحوه أجازوا فيه هذا على ضعفه » قال الزمخشري :« و لا يجوز أن تحمل القراءة المستفيضة على وجه ضعيف ليس بحد الكلام ولا وجهه ولو كانت من هذا الباب لما أخلى سيبويه منها كتابه وقد ذكر نظائرها من الآيات
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ٤١