الآخرة متصلتان وهما سواء في حكم اللّه وعلمه فكأن إذ مستقبلة وكأن اليوم ماض، قال ابن جنّي في مساءلته أبا علي : راجعت فيها مرارا وآخر ما
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ٨٦
حصل منه أن الدنيا والآخرة متصلتان وهما سواء في حكم اللّه وعلمه.
و جملة ظلمتم في محل جر بإضافة الظرف إليها وأن وما بعدها في تأويل مصدر فاعل ينفعكم أي لن ينفعكم اشتراككم في العذاب كما ينفع الاشتراك في مصائب الدنيا حيث يتأسى المصاب بمثله وقيل الفاعل مستتر تقديره تمنّيكم وهو المدلول عليه بقوله « يا ليت بيني وبينه » أي لن ينفعكم تمنّيكم البعد ويؤيد إضمار الفاعل قراءة إنكم بالكسر فإنه استئناف يفيد التعليل إما بالفتح فأن وما بعدها في موضع نصب بنزع الخافض أي لأنكم والجار والمجرور متعلقان بينفعكم وفي العذاب متعلقان بمشتركون ومشتركون خبر إن.
البلاغة :
١- النكرة الواقعة في سياق الشرط : في قوله :« و من يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا » الآية نكتة بديعة وهي أن النكرة الواقعة في سياق الشرط تفيد العموم ولذلك أعاد عليه الضمير مجموعا في قوله :
« و إنهم ليصدّونهم » والثاني الواو في قوله « و يحسبون » والثالث الهاء في قوله إنهم.
أخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن عثمان المخزومي أن قريشا قالت قيضوا لكل رجل من أصحاب محمد رجلا يأخذه فقيضوا لأبي بكر طلحة بن عبيد اللّه فأتاه وهو في القوم فقال أبو بكر : إلام تدعوني؟
قال : أدعوك إلى عبادة اللّات والعزّى قال أبو بكر : وما اللات؟ قال :
أولاد اللّه، قال : وما العزّى؟ قال : بنات اللّه، قال أبو بكر فمن أمهم؟
فسكت طلحة ولم يجبه فقال لأصحابه : أجيبوا الرجل فسكت القوم.
فقال طلحة : قم يا أبا بكر أشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه فأنزل اللّه : ومن يعش عن ذكر الرحمن، الآية.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ٨٧