و إيضاحه كما يلي : إن : فعل أمر مبني على حذف حرف العلة والنون نون التوكيد الثقيلة، ومعنى إ : عد، وفعله وأى، أي عدي يا هند وعد امرأة أضمرت الوفاء لخلها. وهند منادى مفرد علم محذوف منه حرف النداء مبني على الضم والمليحة نعت على اللفظ والحسناء نعت ثان لهند على المعنى ووأي مفعول مطلق. وإنما نبهنا إلى إعرابه لنبين أنّ للنحاة المتأخرين أمورا متكلفة يجدر بنا اجتنابها لأنها تفسد الذوق وتعطل الملكة الفنية وهي أشبه بالأعيب.
٣- الأصل في الحال أن تكون متنقلة لا ثابته، وتقع وصفا ثابتا في ثلاث مسائل :
آ- أن تكون مؤكدة لمضمون جملة قبلها، نحو : زيد أبوك عطوفا، فإن الأبوة من شأنها العطف، وذلك مستفاد من مضمون الجملة. أو لعاملها نحو « و يوم أبعث حيا » فإن البعث من لازمه الحياة فمعناها مستفاد من دون ذكرها.
ب- أن يدل عاملها على تجديد ذات صاحبها وحدوثه أو تجدد صفة له، فالأول نحو قولهم :« خلق اللّه الزرافة يديها أطول من رجليها » فيديها بدل من الزرافة بدل بعض من كل، وأطول حال ملازمة من يديها ومن رجليها متعلقان بأطول لأنه اسم تفضيل، وعامل الحال خلق،
إعراب القرآن وبيانه، ج ١، ص : ٤٧٦
و الثاني نحو قوله تعالى « و هو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا » فالكتاب قديم والإنزال حادث، أي محدث النزول لا الوجود.
ج- أن يكون مرجعها إلى السماع نحو « قائما بالقسط ». على أن بعضهم أعرب « قائما » بأنه نصب على المدح كما في قول امرئ القيس :
إذا قلت : هاتي نوليني تمايلت عليّ هضيم الكشح ريا المخلخل
فهضيم نصب بتقدير أمدح لا حال، لأنها صفة لازمة. بقي الاعتذار عن جهة تأخيره عن المعطوفين فقال التفتازاني كأنها للدلالة على علو مرتبتهما، أي الملائكة وأولي العلم حيث قرنا به تعالى من غير فاصل، فتنبه لهذا الفصل، فله على الفصول الفضل.
[سورة آل عمران (٣) : آية ١٩]


الصفحة التالية
Icon