من القصص الممتع ما يرويه المؤرخون بصدد هذه الآية « و لما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدّون » فقد ذكروا أنه لما قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على قريش : إنكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنم، امتعضوا من ذلك امتعاضا شديدا فقال عبد اللّه بن الزبعرى : يا محمد أخاصة لنا ولآلهتنا أم لجميع الأمم؟ فقال عليه السلام هو لكم ولجميع الأمم فقال : خصمتك ورب الكعبة أليست النصارى يعبدون المسيح واليهود يعبدون عزيرا وبنو مليح يعبدون الملائكة فإن كان هؤلاء في النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معهم ففرحوا وضحكوا وارتفعت أصواتهم وذلك قوله تعالى : إذا قومك منه يصدون، ففند اللّه مكابرتهم بأنه إنما قصد به الأصنام ولم يقصد به الأنبياء والملائكة إلا أن ابن الزبعرى لما رأى كلام رسول اللّه محتملا لفظه وجه العموم مع علمه بأن المراد به أصنامهم ليس غير وجد للحيلة مساغا فصرف معناه إلى الشمول والإحاطة على طريق المماحكة واللجاج فتوقر رسول اللّه عن إجابته حتى أجاب عنه ربه بقوله :« إن الذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون »، فدلّ به على أن الآية خاصة بالأصنام، هذه خلاصة القصة ولا بدّ من التنبيه إلى أن عبد اللّه بن الزبعرى صحابي مشهور وشاعر معروف وقد أسلم وحسن إسلامه وهذه القصة على تقدير صحتها كانت قبل إسلامه، والزبعرى
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ١٠١
بكسر الزاي وفتح الباء وسكون العين والراء المفتوحة والألف المقصورة ومعناه في اللغة السيئ الخلق.
[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٦٣ الى ٦٥]