و ردّ الإمام ناصر الدين أحمد بن محمد بن المنير الإسكندري المالكي قاضي الإسكندرية المتوفى سنة ٦٨٣ ه على الزمخشري ردّا حسنا سلك فيه جادة النقد الصحيح فقال « لقد اجترأ عظيما واقتحم مهلكة في تمثيله بقول من سمّاه عدليا إن كان اللّه خالقا للكفر في القلوب ومعذبا عليه فأنا أول القائلين إنه شيطان وليس بإله فلينتقم عليه ذلك بقول القائل : قد ثبت عقلا وشرعا أنه تعالى خالق لذلك في القلوب كما خلق الإيمان وفاء بمقتضى دليل العقل الدال على أن لا خالق إلا اللّه وتصديقا بمضمون قوله تعالى :« هل من خالق غير اللّه
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ١١٦
و قوله : اللّه خالق كل شي ء وإذا ثبتت هذه المقدمة عقلا ونقلا لزمه فرك أذنه وغلّ عنقه إذ يلحد في اللّه إلحادا لم يسبقه إليه أحد من عباده الكفرة ولا تجرأ عليه ما ردّ من مردّة الفجرة »
إلى آخر هذا الرد الذي لم يخل من السباب والشتائم أيضا.
ثم قال الزمخشري :« و قد تمحل الناس بما أخرجوه به من هذا الأسلوب الشريف الملي ء بالنكت والفوائد المستقلة بالتوحيد على أبلغ وجوهه فقيل إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول العابدين الموحدين للّه المكذبين قولهم بإضافة الولد إليه وقيل إن كان للرحمن ولد فأنا أول الآنفين من أن يكون له ولد من عبد يعبد إذا اشتد أنفه فهو عبد وعابد » وقيل : هي إن النافية أي ما كان للرحمن ولد فأنا أول من قال بذلك وعبد ووحد وقد فنّد أبو حيان هذه الوجوه كلها بما لا يتّسع له صدر هذا الكتاب.
و عبارة الشوكاني :« أي إن كان له ولد في قولكم وعلى زعمكم فأنا أول من عبد اللّه وحده لأن من عبد اللّه وحده فقد دفع أن يكون له ولد، كذا قال ابن قتيبة وقال الحسن والسدّي : إن المعنى ما كان للرحمن ولد ويكون قوله فأنا أول العابدين ابتداء كلام، وقيل المعنى :


الصفحة التالية
Icon