فالشمس طالعة (البيت) وقوله يا خير حكاية قول النعاة أي قائلين يا خير ويحتمل أنه من كلام الشاعر ففيه التفات، والنعي النداء بالموت، والأمر العظيم الخلافة ومشاقها وأعباؤها شبهها بالأمر المحسوس الذي يحمل على طريق الاستعارة المكنية والتحميل تخييل للاستعارة، وأمر اللّه شرعه، وفي هذا البيت أقوال منها أن فيه تقديما وتأخيرا وأن نجوم الليل والقمر منصوبان بكاسفة لا بقوله تبكي وتقديره ليست بكاسفة نجوم الليل ولا القمر تبكي عليك وإذا كانت غير كاسفة لغيرها من الكواكب كانت غير مضيئة فهي سوداء مظلمة والزمان كله ليل وهذا في غاية ما يكون من المبالغات في المراثي ومن أجود ما قيل في الرثاء، وطالعة خبر الشمس وليست بكاسفة خبر ثان وتبكي عليك حال أو خبر ثالث ونجوم الليل مفعول كاسفة أي لم تكسف الشمس نجوم الليل لانطماسها وقلّة ضوئها
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ١٢٨
من كثرة بكائها فلا تقدر على منع الكواكب من الظهور، ويحتمل أن نجوم الليل مفعول تبكي أي تغلب نجوم الليل في البكاء عليك وقيل روايته هكذا وهم والرواية الشمس كاسفة ليست بطالعة أي لا تطلع أبدا من حينئذ فالأوجه أن نجوم الليل مفعول تبكي وقيل ظرف له أي مدة نجوم إلخ وقيل نجوم مرفوع على الفاعلية والقمر مفعول معه، ونصب عمر مشكل لأنه علم مفرد فكان ينبغي أن يبنى على الضم وفيه وجوه منها أنه أراد يا عمر بن الخطاب أو يا عمر بن عبد العزيز والمنادى المضاف يكون منصوبا ثم قطع الإضافة لانتهاء الوزن ومنها أنه أراد يا عمراه على الندبة وحذف الهاء كما قيل في قوله تعالى :« يا أسفا على يوسف » وقيل غير ذلك مما يطول فيه القول وليس بطائل.
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ٣٠ الى ٣٧]