١- في قوله : إلى يوم القيامة نكتة بلاغية رائعة وذلك أنه جعل يوم القيامة غاية لعدم الاستجابة ومن شأن الغاية انتهاء المعنى عندها لكن عدم الاستجابة مستمر بعد هذه الغاية لأنهم في القيامة أيضا لا يستجيبون لهم فالوجه أنها من الغايات المشعرة بأن ما بعدها وإن وافق ما قبلها إلا أنه أزيد منه زيادة بيّنة تلحقه بالثاني حتى كأن الحالتين وإن كانتا نوعا واحدا لتفاوت ما بينهما كالشي ء وضدّه وذلك أن الحالة الأولى التي جعلت غايتها القيامة لا تزيد على عدم الاستجابة والحالة الثانية التي في القيامة زادت على عدم الاستجابة بالعداوة وبالكفر بعبادتهم إياهم فهو من وادي ما تقدم في سورة الزخرف في قوله بل متّعت هؤلاء وآباءهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين ولما جاء الحق قالوا : هذا سحر وإنّا به كافرون.
٢- التغليب : وغلب العاقل على غير العاقل على سبيل المجازاة لأن عابدي الأصنام كانوا يصفونها بالتمييز جهلا وغباوة.
[سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ٦ الى ٩]
وَ إِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ (٦) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٨) قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٩)
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ١٦٩
اللغة :