سبيله ولا غرو فقد قرن اللّه رضاه برضاهما وقد تقدم ذلك في سورة النساء حيث يقول تعالى :« و اعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا » وقال تعالى في سورة العنكبوت « و وصّينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إليّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون » وقد أخرج مسلم من طريق مصعب بن سعد عن أبيه قال : حلفت أم سعد لا تكلمه أبدا حتى يكفر بدينه قالت :
زعمت أن اللّه أوصاك بوالديك فأنا أمك وأنا آمرك بهذا فنزلت الآية، وعن أبي بكرة رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :
ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا؟ قلنا : بلى يا رسول اللّه قال الإشراك باللّه وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال ألا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت رواه البخاري ومسلم والمعنى تمنينا أنه يسكت إشفاقا عليه لما رأوا من أثر انزعاجه في ذلك، وقال ابن دقيق العيد : اهتمامه صلى اللّه عليه وسلم بشهادة الزور يحتمل أن يكون لأنها أسهل وقوعا على الناس والتهاون بها أكثر ومفسدتها أكثر وقوعا لأن الشرك ينبو عنه المسلم والعقوق ينبو عنه الطبع وأما قول الزور فإن الحوامل عليه كثيرة فحسن الاهتمام بها وليس ذلك لعظمها بالنسبة إلى ما ذكر معها.
٢- مدة الحمل : قال أبو حيان : وحمله وفصاله ثلاثون شهرا أي ومدة حمله وفصاله وهذا لا يكون إلا بأن يكون أحد الطرفين ناقصا إما بأن تلد المرأة لستة أشهر وترضع عامين وإما أن تلد لتسعة أشهر على العرف وترضع عامين غير ربع عام فإن زادت مدة الحمل نقصت مدة الرضاع فمدة الرضاع عام وتسعة أشهر وإكمال العامين لمن أراد أن يتم الرضاعة وقد كشفت التجربة أن أقل مدة الحمل ستة أشهر كنص القرآن، وقال جالينوس : كنت شديد الفحص عن مقدار زمن الحمل
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ١٨٠