في قوله « إذ يبايعونك » عدول عن المضارع إلى الماضي والسرّ فيه استحضار صورة المبايعة لأنها جديرة بالتجسيد لتكون عبرة الأجداد للأحفاد، وخلاصة قصتها أن النبي صلى اللّه عليه وسلم حين نزل الحديبية بعث خراش بن أمية الخزاعي لما رأى إخفاق سفراء قريش في مساعيهم وضياع نصائحهم إلى قومهم رسولا إلى مكة فانبعث أشقى قريش وقتئذ عكرمة بن أبي جهل فعقر ناقة السفير وهمّ بقتله لو لا أن تداركه بعضهم فأنقذوه وردّوه إلى قومه فلما رآه النبي صلى اللّه عليه وسلم دعا بعمر رضي اللّه عنه ليبعثه فقال : إني أخافهم على نفسي لما عرف من عذوتي إياهم ولكني أدلك على رجل هو أعزّ بها منّي وأحبّ إليهم عثمان بن عفان فبعثه وزوده بكتاب من لدنه يشرح فيه الغرض من مجيئه وأوصاه أن يزور مسلمي مكة المستضعفين معزيا ومصبّرا حتى يأتي نصر اللّه والفتح، لم تثن سفارة عثمان رضي اللّه عنه من عزم قريش فأصرّت على عنادها مقررة منع الرسول وأصحابه من الطواف مهما كانت النتيجة، وغاية ما سمحت به أنها أذنت لعثمان وحده أن يطوف بالبيت فأبى عثمان إلا أن يكون في صحبته رسول اللّه صلى اللّه
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ٢٤٦
عليه وسلم فغاظ هذا القول قريشا وهاج حفيظتها فأمرت بسجن عثمان ثلاثة أيام حتى تنظر في أمره فتناقل الناس الخبر مكبّرا حتى وصل معسكر الرسول أن عثمان قد قتل، هنا قام النبي صلى اللّه عليه وسلم خطيبا قائلا : ان كان حقا ما سمعنا فلن نبرح حتى نناجز القوم، البيعة البيعة أيّها الناس، فتوافد الناس يبايعون رسول اللّه تحت الشجرة وكانت سمرة وكان أول من بايعه سنان الأسدي فقال له وهو يبايعه : أبايعك على ما في نفسي فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم : وما في نفسك؟


الصفحة التالية
Icon