١- في قوله تعالى « بين يدي اللّه ورسوله » استعارة تمثيلية، شبّه تعجّل الصحابة في إقدامهم على البتّ في الحكم على أمر من أمور الدين بحالة من تقدم بين يدي متبوعه أثناء سيره في الطريق ثم استعمل في جانب الهجنة للمبالغة في تجسيد الهجنة وتقبيح الأمر، وقال الزمخشري وأبداع :« حقيقة قولهم جلست بين يدي فلان أن يجلس بين الجهتين المسامتتين ليمينه وشماله قريبا منه فسمّيت الجهتان يدين لكونهما على سمت اليدين مع القرب منهما توسعا كما يسمى الشي ء باسم غيره إذا جاوره وداناه في غير موضع وقد جرت هذه العبارة هاهنا على سنن ضرب من المجاز وهو الذي يسمّيه أهل البيان تمثيلا، ولجريها هكذا فائدة جليلة ليست في الكلام العريان وهي تصوير الهجنة والشناعة فيما نهوا عنه من الإقدام على أمر من الأمور دون الاحتذاء على أمثلة الكتاب والسنّة والمعنى أن لا تقطعوا أمرا إلا بعد ما يحكمان به ويأذنان فيه ».
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ٢٦١
و عبارة الشهاب الخفاجي في حاشيته على البيضاوي :« في هذا الكلام تجوز أن أحدهما في بين اليدين فإن حقيقته ما بين العضوين فتجوز بهما من الجهتين المقابلتين لليمين والشمال القريبتين منه بإطلاق اليدين على ما يجاورهما ويحاذيهما » فهو من المجاز المرسل ثم استعيرت الجملة وهي التقدّم بين اليدين استعارة تمثيلية للقطع بالحكم بلا اقتداء ومتابعة لمن تلزمه متابعته تصويرا لهجنته وشناعته بصورة المحسوس كتقدم الخادم بين يدي سيده في مسيره.
٢- الحذف : وحذف مفعول تقدموا كقوله يحيي ويميت وقولهم هو يعطى ويمنع وفي الحذف من البلاغة ما ليس في الذكر لأن الخيال يذهب فيه كلّ مذهب.


الصفحة التالية
Icon