١- في قوله الجن والإنس طباق ومعنى إلا ليعبدون أي إلا مهيئين ومستعدين للعبادة، ذلك أنني خلقت فيهم العقل وركزت فيهم الحواس والقدرة التي تمكّنهم من العبادة وهذا لا ينافي تخلّف العبادة بالفعل من بعضهم لأن هذا البعض المتخلّف وإن لم يعبد اللّه مركوز فيه الاستعداد والتهيؤ الذي هو الغاية في الحقيقة، وقد شجر خلاف
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ٣٢٥
بين أهل السنّة والاعتزال حول هذه الآية والواقع أنه لا خلاف لأن الآية إنما سيقت لبيان عظمته سبحانه وإن شأنه مع عبيده لا يقاس به شأن عبيد الخلق معهم فإن عبيدهم مطلوبون بالخدمة والتكسب للسادة وبواسطة مكاسب عبيدهم قدر أرزاقهم واللّه تعالى لم يطلب من عباده رزقا ولا إطعاما وإنما يطلب منهم عبادته ليس غير وزيادة على كونه لا يطلب منهم رزقا إنه هو الذي يرزقهم وهناك حجج يضيق عنها صدر هذا الكتاب فلتطلب في مظانها.
٢- الاستعارة التمثيلية التصريحية : وفي قوله « فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون » استعارة تمثيلية تصريحية لأن الأصل فيه السقاة الذين يتقسمون الماء فيكون لهذا ذنوب ولهذا ذنوب قال :
لنا ذنوب ولكم ذنوب فإن أبيتم فلنا القليب
و لما قال عمرو بن شاس :
و في كل حيّ قد خبطت بنعمة فحقّ لشأس بعد ذاك ذنوب
قال الملك نعم وأذنبة :
و عبارة المبرد في الكامل :« و أصل الذنوب الدلو كما ذكرت لك وقال علقمة بن عبدة للحارث بن أبي شمر الغساني (و بعضهم يقول شمر وبعضهم يقول شمر) وكان أخوه أسيرا عنده وهو شأس بن عبدة أسره في وقعة عين أباغ (و بعضهم يقول إباغ) في الوقعة التي كانت بينه وبين المنذر بن ماء السماء في كلمة له مدحه فيها :
و في كل حيّ قد خبطت بنعمة فحقّ لشأس من نداك ذنوب
فقال الملك : نعم وأذنبة.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ٣٢٦
(٥٢) سورة الطور
مكيّة وآياتها تسع وأربعون
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ١ الى ١٦]


الصفحة التالية
Icon