أي بل أدنى (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى )
الفاء عاطفة راجعة إلى علمه شديد القوى
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ٣٤٧
و أوحى فعل وفاعل مقدّر وإلى عبده متعلقان بأوحى وما موصولة أو مصدرية وعلى كل حال هي ومدخولها في موضع نصب على أنها مفعول به على الأول أو مفعول مطلق على الثاني وسيرد مزيد بحث عنها في باب البلاغة (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ) ما نافية وكذب الفؤاد فعل وفاعل وقد قرئ كذب بالتشديد أيضا وما موصولة مفعول به لأن كذب فعل يتعدى إلى مفعول قال الأخطل :
كذبتك عينك أم رأيت بواسط غلس الظلام من ارباب خيالا
و قيل لا يتعدى فيكون نصب ما على إسقاط الخافض أي فيما رآه وزعم صاحب المنجد أن كذب قد يتعدى إلى اثنين قال :« و قد يتعدى إلى مفعولين فيقال كذبه الحديث إذا نقل الكذب وقال خلاف الواقع فإذا شدّد اقتصر على مفعول واحد » ولم أجد فيما بين يدي من كتب اللغة ما يؤيد ذلك، أما كذبه الحديث فالحديث نصب بنزع الخافض على الأصح، هذا ويجوز أن تكون ما مصدرية وهي مع مدخولها في موضع نصب لأنه مفعول كذب والمعنى أنه ما أوهمه الفؤاد أنه رأى ولم ير بل صدقه الفؤاد رؤيته.
البلاغة :
١- في قوله « ثم دنا فتدلى » فن القلب وهو من المقلوب الذي تقدم فيه ما يوضّحه التأخر وتأخر ما يوضّحه التقديم أي تدلى فدنا لأنه تدلى للدنو ودنا بالتدلي.
٢- في قوله « فأوحى إلى عبده ما أوحى » فن الإبهام وقد تقدم القول فيه وهو كثير شائع في القرآن كأنه أعظم من أن يحيط به بيان، فأبهم الأمر الذي أوحاه إلى عبده وجعله عاما وذلك أبلغ لأن السامع
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ٣٤٨
يذهب وهمه فيه كل مذهب، وجميل قول دريد بن الصمة :
صبا ما صبا حتى علا الشيب رأسه فلما علاه قال للباطل أبعد
و قول أبو نواس :
و لقد نهزت مع الغواة بدلوهم وأسمت سرح اللحظ حين أساموا
و بلغت ما بلغ امرؤ بشبابه فإذا عصارة كل ذلك أثام