وَ تَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ) عطف على تعجبون (وَأَنْتُمْ سامِدُونَ) الواو للحال أو للاستئناف وأنتم مبتدأ وسامدون خبر والجملة إما حالية وإما مستأنفة (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا) الفاء الفصيحة أي إن تدبرتم هذا كله ووعيتموه حق الوعي فاسجدوا، واسجدوا فعل أمر مبني على حذف النون وللّه متعلقان باسجدوا واعبدوا فعل أمر معطوف على فاسجدوا والمفعول به محذوف.
البلاغة :
١- في قوله تعالى « أ فرأيت الذي تولى » استعارة تصريحية لأنه استعار الإدبار والإعراض لعدم الدخول في الإيمان، ويمكن أن يجري هذا ضابطا لذكر التولي في القرآن فحيث ورد مطلقا غير مقيد يكون معناه عدم الإيمان. وفي قوله « و أعطى قليلا وأكدى » استعارة تصريحية، شبّه من يعطى قليلا ثم يمسك عن العطاء بمن يكدي أي يمسك عن الحفر بعد أن حيل دونه بصلابة كالصخرة. قال الإمام الراغب في مفرداته « الكدية صلابة الأرض، يقال حفر فأكدى فاستعير ذلك للطالب الملحف والمعطي المقل كما قال تعالى : أعطى قليلا وأكدى ».
٢- وفي قوله « اضحك وابكى » و « أمات وأحيا » و « أعطى وأكدى » و « الذّكر والأنثى » طباق لا يخفى وهو في السورة جميعها متعدد ولهذا يدخل في باب المقابلة. وقد زاد هذا الطباق حسنا أنه أتى في معرض التسجيع الفصيح لمجي ء المناسبة التامة في فواصل الآي.
٣- وفي قوله « و أنه هو رب الشعرى » فن التنكيت وهو أن يقصد المتكلم إلى شي ء بالذكر دون غيره مما يسدّ مسدّه لأجل نكتة في المذكور ترجح مجيئه على سواه وقد خصّ اللّه سبحانه الشعرى بالذكر دون غيرها من النجوم وهو رب كل شي ء لما ذكرنا في باب اللغة من أن
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ٣٧٠
العرب كان قد ظهر فيهم رجل يعرف بأبي كبشة عبد الشعرى ودعا إلى عبادتها فأنزل اللّه الآية.