و تشخيصها فهذه الجموع الخارجة من الأجداث في مثل رجع الطرف تشبه الجراد الذي اشتهر بانتشاره واحتشاده دون أن يكون له هدف من هذا الانتشار والاحتشاد وكذلك هذه الجمع قد ألجمها الخوف وعقد الهول أفهامها وضرب عليها رواكد من الحيرة وغشيها بأمواج من الضلالة والرين فهي تسير تلبية لدعوة الداع دون أن تعرف لم يدعوها، ولكنها تعرف بصورة مبهمة أنه يدعوها إلى شي ء نكر لا تكتنه حقيقته ولا تعرف فحواه.
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٩ الى ١٧]
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ (١٣)
تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (١٤) وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٦) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧)
اللغة :
(مُنْهَمِرٍ) المنهمر : المنصب بشدة وغزارة وفي المختار :« همر الدمع والماء صبّه وبابه نصر وانهمر الماء : سال » قال امرؤ القيس :
راح تمريه الصبا ثم انتحى فيه شؤبوب جنوب منهمر
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ٣٧٦
(وَفَجَّرْنَا) التفجير : تشقيق الأرض عن الماء وللفاء مع الجيم فاء وعينا خاصة غريبة فهما تدلّان على الشق والتصديع، ففجأ وفجئ فجئا وفجأة وفجاءة وفاجأ مفاجأة الرجل : هجم عليه أو طرقه بغتة من غير أن يشعر به، والفجر ضوء الصباح وفيه تصديع لظلمة الليل، وشقّ لحنادسه، ومشى فلان مفاجّا بين رجليه أي مفرجا بينهما وفي أحاجيهم :