٥- أن يتوهم في الرفع أن الفعل المشتغل بالضمير صفة لما قبله نحو « إنّا كل شي ء خلقناه بقدر » لأنه إذا رفع كل احتمل خلقناه أن يكون خبرا له فيكون المعنى على عموم خلق الكائنات الموجودة بقدر خيرا كانت أو شرا كما هو مذهب السنّة، واحتمل أن يكون خلقناه صفة لشي ء وبقدر خبر لكل والتخصيص بالصفة يوهم أن ما لا يكون موصوفا بها لا يكون بقدر والصفة هي المخلوقية المنسوبة له فالمخلوقية التي لا تكون منسوبة له لا تكون بقدر فيوهم أن ثمة مخلوقا لغيره تعالى وهو مذهب المعتزلة وإنما لم يتوهم ذلك مع النصب لكل على أنه مفعول بفعل محذوف يفسره خلقنا، ويمتنع جعله صفة لكل شي ء لأن الصفة لا تعمل في الموصوف وما لا يعمل لا يفسر عاملا، ومن ثم وجب الرفع لكل إن كان الفعل المتصل بالضمير صفة لكل شي ء نحو « و كل شي ء فعلوه في الزبر » أي الكتب ولا يصحّ نصب كل لأن تقدير تسليط الفعل عليها إنما يكون على حسب المعنى المراد وليس المعنى هنا أنهم فعلوا كل شي ء في الزبر حتى يصحّ تسليط فعلوا على كل شي ء وإنما المعنى وكل شي ء مفعول لهم ثابت في الزبر وهو مخالف لذلك المعنى فرفع كل واجب على الابتدائية والفعل المتأخر صفة له أو لشي ء وفي الزبر خبر كل.
هذا ولم يعتبر سيبويه إيهام الصفة مرجحا للنصب كما فعل ابن مالك بل جعل سيبويه النصب مرجوحا في الآية المذكورة قال :« فأما قوله تعالى :« إنّا كل شي ء خلقناه بقدر فإنما جاء على حدّ قوله زيدا
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ٣٩٤
ضربته وهو عربي كثير » وقال ابن الشجري :« أجمع البصريون في هذه الآية على أن الرفع أرجح لعدم تقدم ما يقتضي النصب، وقال الكوفيون : النصب فيها أجود لأنه قد تقدم على كل عامل ينصب وهو إن فاقتضى ذلك إضمار خلقنا ».